للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفِيك الثَّرَى ما أنت والنُّصحُ إنما ... رأيتُ بعيْنيك الخيانةَ والغَدْرَا

وما للصَّبا ياوَيْحَ نفِسي من الصَّبا ... تبِيتُ تُناجِي طولَ ليلتها البدرَا

تطارحُه والقولُ حقٌّ وباطلٌ ... أحاديثَ لا تُبْقِى لُمستوْدَعٍ سِرَّا

وتُلقِى على النَّمَّامِ فَضْلَ ردائها ... فيَعرفُ للأشْواقِ في طَيِّها نَشْرَا

يعانقها خوفَ النَّوَى ثم تنْثِني ... تمزِّق من غيْظٍ على قَدِّك الأُزْرَا

ألمَّا تَرَىْ باَنَ النَّقا كيف هذه ... تميلُ بِعطْفَيْها حُنُوّاً على الأخرَى

وكيف وَشَى غُصنٌ إلى غصُنٍ هوًى ... ومن رَشَأ يُوحِى إلى رَشأ ذِكْرَا

هما عذَلاني في الهوى غيرَ أنني ... عذَرْتُ الصَّبا لو تقْبلينَ لها عُذْرَا

هبِيها فدتْكِ النفسُ راحت تُسِرُّه ... إليه فقد أبْدَتْه وهْي به سَكْرَى

على أنها لو شايَعتْ كُثُبَ النَّقا ... وشِيحَ الخُزامَى إنما حملتْ عِطْرَا

وقوله من قصيدة:

اُعْفِياني من وَقْفةٍ في الديارِ ... تمْترِى دَرَّةَ الجفونِ الغِزارِ

ما انْتفاعِي بنَظْرة تطرِف العَيْ ... نَ بِتلك الطُّلولِ والآثارِ

ما ترى البارِقَ الذي صدَع الجوَّ ... سَناه على رسوِم الديارِ

خَطِفاتٌ كأنَّهن خيولٌ ... تجرحُ العينَ بالسيوف الهَوارِي

أذْكرتْني مَباسِماً وثغوراً ... حالياتٍ تغَصُّ بالأنْوارِ

وكؤوساً كأنما حنَّكُوها ... في صَباها برِيقِة الخَمَّارِ

خَلعتْ بيننا العِذارَ ووافتْ ... في قميصٍ مُفكَّك الأزْرارٍِ

لو رآها العَذُول صُمَّ صَداهُ ... قال لي ولْلَعجوزِ النَّوارِ

لا تَغرُوعا بِكْرَ الزمان بقَتْلٍ ... ذَوْبَ الُّلجَيْن غِشُّ النُّضارِ

في سَنا الشمسِ ما علمتَ غَناءٌ ... عن ضياءِ النجوم والأقمارِ

طال عمرُ الدجى علىَّ وعهدِي ... بالليالي قصيرةَ الأعْمارِ

ما احْتسيْتُ المُدامَ إلا وغَصَّتْ ... لَهَواتُ الدجى بضوءِ النهارِ

حَّبذا طَلْعةُ الربيع وأهْلاً ... بمَجالِي عرائس الأزهارِ

وزمانُ البَهارِ لو عاد فيه ... غشَيانُ الشبابِ عَوْد البَهارِ

ومَبِيتي إذا نَبَا بي مَبِيتي ... في ظلال العريشِ والنُّوُّارِ

كم تفيَّأْتُها فحَّنتْ علينا ... حَنَّةَ الأمَّهاتِ والأطْيارِ

مرحباً بالمَشِيب لولا زمانٌ ... غَضَّ منى وحطًّ من مقدارِي

لو وفَى لي الصِّبا ولو عُمْرَ حِينٍ ... يا زماني أخذتُ منك بثَارِي

وقوله:

حَيَّتْ فأحْيَتْ بالمُدام معاشراً ... حَضرُوا وما ألبابُهمَ بحُضورِ

في حّيِّهم صَرْعَى وما شهدوا الوغَى ... نَشْوَى وما مزَجُوا الهوى بخُمورِ

وقوله:

إيهٍ بذكْر معاهدٍ وأُناسِ ... طابتْ بذكْر حديثهم أنْفاسِي

أذْكرتني حيثُ الأحبَّةُ جِيرةٌ ... حالي بهم حالٍ وكأسِيَ كاسِ

هلَّا وقفتَ على منازلهم معي ... وبكيْت ناساً يالهم من ناسِ

قالت عُثَيْمة والخُطوبُ تنُوشُنى ... والشَّيْب يضحك من بكاءِ الآسي

شابتْ شَواتُكَ والزمانُ مُراهِقٌ ... والشيْبُ يا شامِيُّ تاجُ الراسِ

وقوله:

أما الطُّلولُ فإنها خُرسُ ... تبدُو لعينْيك ثم تْلتبسُ

يا مَرْبعاً عبَث البلاءُ به ... عهدي برَبْعِك وهْو مُكْتنَسُ

رقَمتْ عليه يدُ الصَّبا صحُفا ... تبدو لقارئها وتنْطمسُ

وقف الهوى والدمعُ منطِلقٌ ... في جَوِّه والقلبُ مُنحبِسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>