للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيالٌ من عُثَيْمة أو لُبَيْنَىَ ... أو الشَّماءِ أخْتِ بني البُراقِ

يُطِوِّف في الشَّآم وفي عراقٍ ... ويا بُعْدَ الشآمِ من العراقِ

أقول لها وقد خطَرتْ رِياحٌ ... من الزَّوْراءِ في حلل رِقاقِ

وقد برَد السِّوارُ على يديْها ... فأحْمَيْتُ القلائدَ بالعِناقِ

برد السوار، وبرد الحلى، يكنى به الشاعر عن الصباح.

في البديع:

قامت وقد بَرَد الحُلِىُّ ... تميِسُ في ثَنْى الوشاِح

ابن الزقاق:

بَرْدُ الحُلِىِّ تنافرت عَضُدِي وقد ... هبَّ الصباحُ ونامَتِ الجَوْزَاءُ

ابن حمديس:

وبتُّ أُحمِى بأنفاسِي حصَا دُرَرٍ ... بَبرْدِها في التَّلاقي تعرِف الفَلَقَا

وللشريف الرضي، رضى الله عنه، وهو مأخذ المترجم:

حتى إذا هبتْ ريا ... حُ الفجرِ تُؤذِن بالفِراقِ

برَد السِّوار لها فأحْ ... ميْتُ القلائدَ بالعِناقِ

وأحسن أبو الجوائز الواسطي في قوله:

كلما نَمَّ للفُضولِ سِوارٌ ... كذَّبْته قلائدٌ وعُقودُ

وبرد المضجع، وبرد الفراش، كناية عن الراحة والترفه، وعن زيادة القدرة، بحيث لا يقدر أحدٌ على إزعاجه، ويلزمه الشجاعة وعلو المقام.

قال:

أبيض بسَّام بَرُودٌ مَضْجَعُهْ

وأعْجَلنا النوَى حتى لَكِدْنا ... نُودِّع بعضَنا قبل التلاقِي

ولم يكُ غيرَ موقفِنا ونادَى ... مُنادِى الحيِّ حَيَّ على الفِراقِ

أثِيِبى فيَّ نَظْرةَ لا ضَنِينٍ ... بنائِله ولا تَرِفِ الخِناقِ

يرى شبحاً بلا ظِلٍّ ونفساً ... يُردِّدها التنفُّس في التَّراقِي

بناتُ الشوقِ تْفحَص في فؤادي ... وطِفْلُ الدمعِ يْعبَثُ بالمَآقِي

وأنت جعْلتني جَزْرَ الأعادِي ... ولو أحبَبْت ما أكلُوا عُراقِي

تُلوكنيَ الخُطوب على هُزالِي ... ويحلُو لي لها طعمُ الزُّعاقِ

ولو عقَل الزمانُ دَرَى بأنِّي ... على مَن رامَنِي مُرُّ المَذاقِ

ولم تتْركْ صُروف الدهرِ منِّي ... ومن عَضْبِي الجُرازِ سوى رَماقِ

أما والرَّاقصاتِ على لَآلٍ ... ومَن حُمِلوا على الكُومِ العِتاقِ

لقد أضْلَلْتُ في ليلِ التَّصابي ... فؤاداً غيرَ مشْدود الوَثاقِ

ألا ياصاحبَيْ نَجْوَاي سيرا ... فقد قعد الهوى بي عن رِفاقِي

قِفا عنِّي بأقْرْيَةِ الفِتاقِ ... فَواقاً أو أقلَّ من الفَواقِ

سقى اللهُ العراقَ وساكنِيهِ ... وجادَ مراتِعَ الشُّدْنِ الطِّلاقِ

إلى أهلِ العراقِ يحِنُّ قلبي ... فواشَوْقي إلى أهلِ العراقِ

وقوله:

أرأيتَ ما صنعتْ يدُ التَّفْريقِ ... أعلمتَ مَن قتلتْ بسَعْيِ النَّوقِ

رحلَ الخَلِيطُ وما قضيْتُ حقوقَهمْ ... بِمُنَى النفوسِ وما قضَيْنَ حُقوقِي

عِلُقوا بأذْيالِ الرياِح ووكَّلُوا ... لِلْبَيْن كلَّ مُعرِّجٍ بفريقِ

وغدوْتُ أصرفُ ناجِذَيَّ على النَّوَى ... وأغَصُّ من غَيْظ الوُشاة برِبقِي

هجروا وما صبَغَ الشبابُ عوارِضِي ... عَجْلان ما عِلقَ المشِيب بزِيقِي

فكأنني والشيبُ أقْربُ غايةٍ ... يومَ الفِراق شربْتُ من رَاوُوقِ

لا راق بعدهم الخيالُ لناظرِي ... إن حَنَّ قلبي بعدهم لرَحِيقِ

لعب الفِراقُ بنا فشرَّدَ من ييد ... رَيْحانتَّي صديقِتي وصديقِي

للهِ ليلنُنا وقد عِلقتْ يدي ... منه بعِطْفٍ كالقناةِ رشيقِ

عاطَيْتُه حَلب العصيرِ وصَدَّنا ... عن وجهِ حاجِبِنا يدُ التَّعويقِ

ما كان أسْرَع ما دحَتْه وإنما ... دُهِش السقاةُ به عن التَّرْويقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>