للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيقظْتُه والليلُ ينفُض صِبْغَه ... والسكرُ يخلِط شائقاً بمَشُوقِ

والنومُ يعبثُ بالجفونِ وكلَّما ... رقَّ النسيمُ قسَتْ قلوبُ النُّوقِ

والبرق يعثُر بالرِّحال وللصَّبا ... وقَفاتُ مُصْغٍ للحديث رَفيقِ

باتتْ تحرَّش والقَنا متبرِّمٌ ... بين الغصون وقَدِّه المْمشوقِ

فأجابني والسكرُ يُعجِمُ صَوْتَه ... والكأسُ تضحك للثَّنايا الرُّوقِ

لولا الرَّقيبُ هَرَقْتُ مَضْمضةَ الكرَى ... وغصَصتُ صافيةَ الدِّنانِ برِيقِي

ثم انْثنيْتُ وزَلْفُه بيد الصَّبا ... وشَمِيُمه في جَيْبِيَ المفْتوقِ

وقوله:

أرِقْت لبارِقٍ في جَوِّ رَاسِي ... جَرِضْتُ لصَوْبِ عارِضه برِيقِي

هدَتْه النَّائباتُ وأيُّ ضيفٍ ... هدَتْ يومَ الفِراق إلى فروقِي

رفعْتُ لي بجُنْحِ الليل نارِي ... فخاض الليلَ يعسِف في الطريق

ودَدْتُ ولو بضَرْبِ الْهامِ أنِّي ... رَعيْتُ له ولو بعضَ الحُقوقِ

وقوله:

رُبَّ ساقٍ غمَزْتُه فتغابَي ... ثم أوْمى بناظرٍ لا يُطاقُ

قال لي والخُمارُ يُرْعِد كَفَّيْ ... هِ ورُوحي على يديْه تُراقُ

أنتَ لا شك هالكٌ بجفنوني ... قلتُ زِدْني فإنها دِرْياقُ

فانْتضَى الكأسَ من يدَيَّ وأهْوَى ... نحو فِيه بالكأس وهْي دِهاقُ

قال لي هاكَها شَراباً طَهُوراً ... خلَّصتْها من حِنْثِها الأرْياقُ

وقوله:

آهِ يا غُصْنَ النَّقا ما أمْيَلَكْ ... جَلَّ يا غُصنَ النقا من عَدَّلَكْ

قد قضى لي بتَباريحِ الجوَى ... مَن قضى بالحبِّ لي والحسنِ لَكْ

أكل الحبُّ فؤادي بعدَما ... لَاك منِّي ما تمنَّى وعَلَكْ

هلك الشامِيُّ وَجْداً وأسًى ... ما يُبالي يا حياتي لو هلَكْ

قلَّ لي فِيك غارماً وجَوًى ... قلَّل اللهُ عَذُولا قَّلَلكْ

حكم اللهُ لفَوْدَيَّ على ... نُسْخة الشَّيْب وتسْويد الحَلَكْ

أتُراهم قد رأَوا أيَّ دمٍ ... هرَق الواشِي على تلك الفلكْ

يا غُرابَ البَيْن لا كنتَ ولا ... كان وَاشٍ دَبَّ فيهم وسلَكْ

أخذُوا منَّا وأعْطَوْا ما اشْتَهَوْا ... ما كذا يحكُم فينا من ملَكْ

جُرتَ في الحُكْم على أهلِ الهوزى ... لا تخَفْ فالأمرُ لِله ولَكْ

ليت شِعْرِي أمَلِيكٌ في الورَى ... أنتَ يا إنسانَ عَيْني أم مَلَكْ

حكَم الدهرُ علينا بالنَّوَى ... هكذا تفعلُ أدوارُ الفلَكُ

وقوله:

سيدي لا مِثْلَ مثُلكْ ... صُوِّر البدرُ بشكلِكْ

ما حَكاك البدرُ لكن ... رامَ يحكى شِسْعَ نَعِلكْ

إنما الحسْن قميصٌ ... هو قد حِيكَ لأجْلِكْ

خُلِق العشقُ لمْثلي ... وحلَا الحسنُ لمثلِكْ

وقوله:

آهِ من داءيْن بادٍ ودخيلِ ... وخَصِيميْن مَشِيبٍ وعَذُولِ

ما على مَن طال ليْلىِ بعدَهم ... لو أعانوني على ليلىِ الطويلِ

عاجلَ القلبُ إليهم ناظرِي ... ما أضرَّ الحسنَ بالقلبِ العَجُولِ

نادَمتْ منهم بَنانِي ناجِذِي ... واسْتشاط الوجدُ في إثْرِ الخمولِ

وبأكْناف المُصَلَّى غادةٌ ... سنَحتْ لي مَسْنَحَ الظبيِ الخَذُولِ

عرضتْ شرط المفَدَّى في مَهاً ... يتعثَّرْنَ بأطْرافِ الذيولِ

قد عرَفْنا وَقْفة الرَّكْبِ دُجًى ... في سنَا الجَوِّ وأنْفاسِ القَبُولِ

إذْ شفيعِي عند لَمْياءَ الصِّبا ... ورسولِي خُلْسةَ الَّلحْظِ الكليلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>