للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبحتْ حَيْرةً حواسدُه ... كأنها العُمْيُ مالها قائدْ

هذا أحسن من قول المتنبي:

ما بالُ هذي النجوم حائرةً ... كأنها العُمْي مالها قائدْ

وهو أخذه من قول العباس بن الأحنف:

والنجمُ في كبد السماء كأنه ... أعْمَى تحيَّر ماله من قائدِ

رَبُّ القوافي التى لآلئُها ... توَدُّ لوقُلِّدت بها الناهِدْ

إذا تأمَّلْتَها وجدتَ فتىً ... شُهْبَ الدياجي بفكرِه صائِدْ

وقوله من أخرى، اولها:

هو الشوقُ حتى يستوى القربُ والبعدُ ... وصدقُ الوفا حتى كأن القِلَى وُدُّ

فلا رقَدتْ عينٌ يؤرِّقها هوىً ... ولا خمَدت نارٌ يسعّرها خَدُّ

ألا في سبيل الأعْيُن النُّجْل ما جرى ... بمُنْعرَج الجَرْعاء حيث انْطوى العهدُ

عشيَّةَ أدْناني وأقْصاهُم الهوى ... برَغْمِي وأرضاهُم وأسْخطنِي البعدُ

تذكّر عيشاً قد طوى نَشْرَه النوى ... وعُفْراً عفَى من سِرْبها الأجْرَعُ الفَرْدُ

خليلَىَّ نَجْدٌ تلك أم أنا حالمٌ ... لقد كذَبْتني العينُ ما هذه نجدُ

بلى هذه نجدٌ فأين ظِباؤُها ... أأحجبها عِزٌّ أأم اغْتالها فَقْدُ

وما صنعتْ من بعدنا تلكمُ الدُّمَى ... وكيف ذوَتْ هاتيكمُ القضُبُ المُلْدُ

كَأَنْ قد أضَلَّ البَيْنُ في عَرَصاتِها ... مُنىً أو عليها في فؤاد النوى حِقْدُ

لقد خلَدتْ ممَّا دَهاك جَهَنَّمٌ ... بأحْشائنا يا جنَّةً خانها الخُلْدُ

خليليَّ ماوُدَّا كُما وُدَّ مخلصٍ ... أما فيكما هَزْلٌ إذا لم يكن جِدُّ

أفوق سوادِ الليل تبغي نجومُه ... غشاء فلِم لم تصْحُ أعيُنها الرُّمْدُ

كأن تعالى اللهُ ذا البدرِ في السما ... مَلِيك مُطاعٌ والنجومُ له جُنْدُ

كأن سماء الليلِ روضٌ مُنمَّقٌ ... خمائلُه مِسْك أزاهِرُه نَدُّ

كأن الدجى والبرقَ والزُّهْرَ ناهدٌ ... من الزَّنْج يُزْهيها فيُضحكها العِقْدُ

كأن الثُّريَّا كفُّ نَقَّادٍ اسْتوى ... على نَطْع سَبجٍ فوقه نُثرَ العقدُ

كأن نجومَ الليلِ من حَيْرةٍ بها ... ركائبُ تسْرِي مالها في السُّرَى قَصْدُ

كأن وَمِيضَ البرقِ في حالِك الدجى ... صفاءٌ بقلبٍ قد توطَّنه الحِقْدُ

كأن الكرى سِرٌّ كأن الدجى حَشاً ... كأن المُنى طِفْل كأن الرَّجا مَهْدُ

كأن السُّهَا معنىً دقيقٌ بفِكْرةٍ ... فآونةً يخْفى وآونة يبْدُو

كأن الدجى والفجرُ يفتِق زِيقَه ... مواطنُ غَىٍّ قد أناخ بها الرُّشْدُ

كأن الصَّبا رُسْلُ الصباح إلى الرُّبَى ... بسِرٍّ أذاع الشِّيحُ خافِيه والرَّنْدُ

كأن طِلابِي المجدَ والدهرُ دونه ... ترقُّب طَيْفٍ حال من دونه السُّهْدُ

كأن يَراعى غائصٌ بحرَ ظُلْمةٍ ... فيُلفَظ لي من فِيه جوهرُه الفَرْدُ

كأن المعاني السانِحاتِ لخاطرِي ... كواعبُ زارتْ مالزَوْرتها وَعْدُ

منها في المديح:

حديقةُ فضلٍ لا يُصَوِّح نَبْتُها ... ونهرُ عطاءٍ ما لسائِله رَدُّ

ورِقَّةُ أخلاقٍ يَسيرُ بها الصَّبا ... وبأسٌ له ترْمِي فرائسَها الأُسْدُ

وقوله من أخرى، أولها:

سرى عائدا حيثُ الضَّنى راع عُوَّدِي ... سُرَى البَدْرِ طَيْفٌ بالدُّجُنَّةِ مُرتدِ

وما رَقَّ لو لم يَرْعَ حَيْني ولا سرَى ... على البُعد في ثوب الحدادِ لمَرقدِي

فأعجبَه شوقي إليه على النَّوى ... كذا كان حيث الشملُ لم يتبدَّدِ

وعاتبْتُه والظنُّ أيْأس طامعٍ ... فجاوبَني والقلبُ أطمعُ مجتدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>