للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأن أنْفاس الجِنا ... نِ تنفَّستْ عنها البوادِي

والزَّيْزَفُون يُفتُّ غا ... ليةً مُضمَّخةً بجادِى

يُلقِى بها للروض في ... وَرَق كأجنحة الجرادِ

هاج النفوسَ ولم يفُتْ ... هـ غُير تهْييجِ الجمادِ

والورد مخْضوبُ البَنا ... نِ مُضرَّج الوَجنات نادِى

نُصِبتْ له سُرُر الزَّبَرْ ... جَدِ والخيامُ بكل وادِي

حرسْته شوكةُ حسنِه ... من أن تُمَدَّ له الأيادِي

والعَنْدليبُ أمامه ... بفصِيح نَغْمته يُنادِي

مَن رام يعبَث بالخدو ... د فدونَها خَرْطُ القتادِ

وحَذارِ مخضوبَ البَنا ... ن إذا تمكَّن من فؤادِ

فامْسَحْ بأذْيال الصَّبا ... عن مُقْلتيْك صدَى الرقادِ

هل هذه بُكَر الرُّبَى ... أم هذه غُرَر الرشادِ

وانهضْ لكسْب جديد عُمْ ... رٍ من بُكور مُستفادِ

واقَنعْ بظِّلك أو بظلِّ ... الدَّوْحِ عن ظل العبادِ

ماراج من طلب المعي ... شةَ بين إخوان الكسادِ

لا يُعجبنَّك لِينُ من ... أبصرْتَه سهلَ القيادِ

وأبيك مالانتْ لغي ... رِ الطعنِ ألْسنةُ الصِّعادِ

لا تشتهي وجَعَ الفوا ... دِ مضى زمان الاتّحادِ

نفسِي الفِداءُ لمَنْجَك الْ ... مُسْتعِزِّ بالانْفرادِ

لا يُجْتنَني إلا بمجْ ... لس فضلِه ثَمَرُ الودادِ

مُتكثِّر بغنى الشَّما ... ئل لا بعاجلةِ النَّفادِ

شِيَمُ الجواد هي الغنى ... لاماحَوتْه يدُ الجوادِ

الدهر مْغلولُ اليديْ ... ن وذاك مَبْسوط الأيادِي

وله في أحمد بن شاهين، البائية التي أخذت من البلاغة أوفر الأنصباء والقسم، وأقسمت البراعة بقوافيها على أن مبدعها محكُّ الأدب ولا غرو فالباء من حروف القسم.

ومستهلها:

ألَذُّ الهوى ما طال فيه التجنُّبُ ... وأحْلاه ما فيه الأحِبَّاء تَعْتَبُ

يقول في مديحها:

يُمزِّق شَمْلَ المشكلاتِ لوقْتها ... إذا شِيَم مِن فِيه الحسامُ المُذَرَّبُ

توقَّد حتى ليس يْخبو ذكاؤُه ... وكاد وحاشَا فكرُه يتلهَّبُ

وبيت ختامها:

ولا بَرِح الحسَّادُ صَرْعَى وكلُّهم ... على مثلهم ما في قلبِه يتقلَّبُ

واتفق له مع الأدباء مجالس تؤثر، وعليها الأرواح تلقى وتنثر.

فمن ذلك مجلس في روض أورقت أشجاره، وتنَّفست عن المسك أسحاره.

غبَّ سحاب أقلع بعد هتونه، ودار دولابه يسقيه بجفونه.

توسدهم أنهاره معاصم فضية، وتنيمهم أفياؤه تحت ذوائب مرخية.

فقال:

وروضٍ أنيقٍ ضمَّنا منه مجلسٌ ... على نَوْره جَفنُ الدَّواليبِ ساكبُ

خَلا حسنه عن كل وَغْدٍ يَشِينه ... وما صَدَّنا لما أتْيناه حاجبُ

طَلعنا بدوراً في سَماه وبيننا ... جُمانُ حديثٍ هُنَّ فيه كواكبُ

وبِتْنا وأوراقُ الغصون غطاؤنا ... على فُرُشِ الأنهار والطيرُ نادِبُ

فنعم مكاناً مابه قطُّ قاطِنٌ ... وبْيتاً ولكن ماله الدهرَ صاحبُ

وهنا أذكر منتخبات من شعره، مرتبة على حروف المعجم.

فمنها قوله يخاطب العمادي، مفتى الشام، وقد رمدت عيناه:

فِدىً لعيِنك دون الناس عينائي ... وكلُّ عضو فِداه كلُّ أعْضائِي

نوَدُّ لو كان مُوْدُوعا بأنفِسنا ... ما تْشتكيه بعْينٍ منك رَمْداءِ

نَظَّارةٌ لكتابِ الله قد مُلئتْ ... خوفَ الوشاةِ بإشْفاق وإغْضاءِ

وأنتَ لا عن حجابٍ كنت ناظرَنا ... فارْفَع حجابَك وانظُر للأحبَّاءِ

وقوله من قصيدة، مستهلها:

عطَف الغصنُ الرطيبُ ... وتَلافانا الحبيبُ

أيُّ عضوٍ تسْرح الأبْ ... صارُ منه وتؤُوبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>