للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسلَمْ لنَشْر فضيلةٍ معلومةٍ ... لوْلاك طال على المَلا أن تُعلَمَا

إن العُلَى بدأتْ بذكرِك مثْلَما ... آلتْ بغيرِك في الورى لن تُخْتَمَا

ومنها هذه الرائية، مدحته بها في أول فصل الربيع، وأولها:

باكِر الحانةَ والكأسُ تُدارُ ... فشبابُ العمر ثوبٌ مستَعارُ

هذه الأرضُ اكْتستْ أزهارَها ... ما على من يغْنَمِ اللذاتِ عارُ

وكأنَّ الروضَ وَشْيٌ فاخرٌ ... نَقْشُه آسٌ ووردٌ وبَهارُ

إن سَرتْ فيه نُسَيمات الصَّبا ... فضَح العنبرَ رَنْدٌ وعَرارُ

وكأنَّ المُزْنَ تِبْرٌ كنزُه ... دُرَّةٌ بيضاءُ والماءُ نُضارُ

فتَقتْ كفُّ الغوادِي جَيْبَها ... فالذي منها على الروضِ نِثارُ

يا رَفِيقَيَّ دعانِي والهوى ... إنما الصَّبْوةُ للصَّبِّ شِعارُ

كنتُ أُخفِي محنةً في خَلَدي ... لو يكنْ للقلب في العشقِ اختيارُ

من بيِتْ وَلْهانَ في حبِّ الظِّبا ... خانَه القلبُ وعزَّ الاصْطبارُ

يعذُب الهجرُ لمن يعرفُه ... وبمَطْل الغِيد يحلُو الانتظارُ

إنما نَشْوانُ أحْداقِ المَها ... صَحْوُه من سَكْرةِ العشق خُمارُ

يا سَقى موطِنَ لَهْوِي بالحمى ... أدْمُعِي إن شحَّتِ السحبُ الغِزارُ

كم ليالٍ فيه قد قضَّيْتُها ... ومن الأيامِ حلوٌ ومِرارُ

فانْقَضتْ أسرعَ من سهم القضا ... يا ابنَ وُدِّي ليس للعيشِ قَرارُ

وحبِيبٍ بات زَنْدِي طوقَه ... والمُنى ثالثُنا والأنسُ جارُ

قد نأَى لكنْ عن العينِ وكم ... نازحِ الدار له القلبُ ديارُ

أيُّ نفعٍ في اقترابِ الجسم إن ... بعُد القلبُ وما يُغنِي الجِوارُ

هكذا تفعل أحكامُ الهوى ... في بَنِي العشقِ وللدهرِ الخِيارُ

ينْقضي العمرُ ومالي مُسْعِفٌ ... ومن الضَّيْم مُصِيخٌ لا يُجارُ

هذه حالي وإن طال المدى ... واعْتبارُ الحالِ للمرءِ اختبارُ

غيرَ أن الحرصَ غَلاَّبُ النُّهىَ ... والمُنى منها اختيارٌ واضطرارُ

لا أذُمُّ الدهرَ حاشَى وله ... أنْعُمُ المولَى عن الذنبِ اعْتذارُ

كعبةِ الآمالِ والركنِ الذي ... للمنى فيه اسْتلامٌ واعْتمارُ

قد جَلا خَطْبَ الليالي عَزْمُه ... مثْلما يجلُو دُجَى الليلِ النهارُ

لو يكُنْ للبحر أدْنَى بِرِّه ... لم يلُحْ للعينِ بَرٌّ وقِفارُ

وحِماهُ مُلْتقَى عِيسِ المُنى ... لا سِواه للنَّدى مَأوىً وجارُ

روضُ فضلٍِ نجتَني إحسانَه ... وكذا تُجنَى من الروضِ الثِّمارُ

أيها الأستاذُ والمولى الذي ... غَرِقتْ في سَيْب كفَّيْه البحارُ

لك أُنْهِي نُوَباً من بعضِها ... يذْهَل اللبُّ وذو العقلِ يَحارُ

حَلَّ بي الشيْبُ فأفنَى رَوْنقِي ... وكذاك البدرُ يمْحوه السِّرارُ

فأغِثْني من كروبٍ في الحَشا ... حُرَقٌ منها وفي الطَّرْفِ انكسارُ

وتمتَّع بقوافٍ كَرُبىً ... ضاحَكَ النَّوْرِ عليها الجُلَّنارُ

بِدَعٌ قد أُشْرِبتْ ألفاظُها ... رِيقةَ المبْسَم والخمرَ العُقارُ

كخُدودِ الغِيد تحمْرُّ حَياً ... وإذا شئْتَ كما اخْضَرَّ العِذارُ

أنا حسَّان القوافي فإذا ... فُهْتُ طاب الشعرُ وارْتاح الفَخارُ

وإذا غنَّتك أطْيارُ الثنا ... فأنا من بينها وحدِي الهَزارُ

ليس لي مالٌ ولكن كَلِمِي ... عَسْجَدٌ تِبْرٌ وإلاّ فنُضارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>