يا سراجَ التقى وبدرَ المعالي ... دُمْ منيراً وهادياً للعبادِ
كنتُ من قبلُ ألثَم اليدَ بالإجْ ... لالِ والآن نالَ ذاك مِدادِي
وله من قصيدة ربيعية:
زمنُ الوردِ بالرَّحِيق الصَّفُوقِ ... طاب حيثُ الصَّبوحُ مثلُ الغَبُوقِ
أنتَ بالغَنْجِ والدلالِ أنيسٌ ... وليَ الخمرُ كالصديقِ الصَّدوقِ
وسمع قول ابن عبد ربه:
نعَق الغرابُ فقلتُ أكذبُ طائرٍ ... إن لم يصدِّقْه رُغاءُ بعيرِ
فقال:
ورد النسيمُ فقلت أصدقُ قاصِدٍ ... خجلتْ له عينُ النباتِ الأخْضرِ
ومما عربه المنجكي من كلامه:
لو فوَّق الحظُّ سهماً من كِنانتِه ... وكان من خَلْفِ قَافٍ لم يفُتْ غَرَضُ
وعربت أنا من كلامه:
وأُريد أن أُبْدِي شكايةَ هجرِه ... فيسُدُّ منه بكأسِ موعدِه فَمِي
ومنه:
مُقبِّلتي سدَّ السبيلَ شِكايتِي ... على السِّرِّ من خَاتمِ خاتمِ الفمِ
ومنه:
وأنفقْتُ عمرِي في تعشُّق فَرْعِه ... فلم أتنَشَّق شَمَّةً من عَبِيرِهِ
حسين بن رستم المعروف بباشا زاده، نزيل مصر صنديد بطل، ومنطيقٌ غير ذي خطأٍ وخطل.
نهجه مستقيم، والدهر بمثله عقيم.
بشيم اقتضاها مجده، وأورثه إياها أبوه وجده.
ومفخرة يتوشح بردائها، ومأثرة يترشح لابتدائها.
إلى أخلاقٍ ألطف من نعمة الوصال، وأرق من نسمة الشمال تهديها البكور والآصال.
أقام بالقاهرة زماناً طويلا، وأوسع بها الآمال إنعاماً وتنويلا.
بين قوم حروف السؤال لديهم زوائد، فما لأحد في عزهم مرتجى ولا له في مصائبهم فوائد.
فازدهت به المواطن والمرابع، وأشار إليه حتى النيل بالأصابع.
وله أخبارٌ نشرت أعلام إفادتها في كل نادي، وأشعارٌ لفصاحتها عند قس الإيادي أيادي.
فمنها قوله من قصيدة، كتب إلى المفتي سعد الدين، يمدحه بها.
ومطلعها:
أراك ترُوم المجدَ ثم تُساهِلُ ... وزامِلةُ العمرِ اليسيرِ تُناقِلُ
ونفسُك زادت زَمعَها لا تَرُوعها ... وتفضُل عما خلَّفتْك الأوائلُ
وقد طفَلتْ شمسُ الحياةِ وبعد ما اخْ ... تفتْ لا تراها تخْتفي فتُقابِلُ
وسُلَّتْ سيوفُ الشَّيْب من غِمْدها وقدْ ... تَبرَّتْ لأن تَنْساخ منها الكلاكلُ
سنابلُ أيامِ الهوى اصْفَرَّ لونُها ... وأوشك أن حلَّتْ عليها المَناجِلُ
وشتَّت نَبْلَ الحادثاتِ قِسيُّها ... وتُخْطىء إلاَّ أن تُصِيب المَقاتلُ
فماذا التَّوانِي والتكاسُل غافلاً ... تنامُ وشُدَّت في الحَوالِي حبائلُ
وما أنت في دُنياك إلاّ معذَّبٌ ... بِرُوحٍ يعاني غَمّه ويُماثلُ
وجسمٍ يُهادَى بين موتٍ وسُقْمِه ... ولا ينْثني عنه الأسَى والنَّوازلُ
فأيُّ صفاءٍ لم يشُبْهُ مكدِّرٌ ... وأيُّ وصالٍ لم يعُبه فاصلُ
إذا ما عَراك الهمُّ بالعُدْمِ فاعْتبرْ ... بأصدقِ قولٍ لا ترى من يُجادِلُ
تباعَدْ عن الدنيا وزايِلْ نعيمَها ... فكلُّ نعيمٍ لا مَحالةَ زائلُ
يُنادي جميل الخلق حيّاً وميِّتاً ... ألا كلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ باطلُ
تطول رِشاءٌ في الأمانِي وإنَّه ... تُحوِّل فيما لم يكن فيه طائلُ
فواللهِ خَلاَّقِ البَرايا وربِّهم ... تُسَنُّ سِنُوها والشهورُ مَناصِلُ
وترْنُو لآمالٍ بعُمْرٍ نهارُه ... قصيرٌ وقِيعانُ الأماني أَطاوِلُ
رأيت ذوي التِّيجانِ ثُلَّثْ عروشُهم ... وتنظُر في الأركانِ يوماً عَنادِلُ
وتغترُّ بالدهرِ الدَّنِّي وجاهِه ... فمَن رام بالجاهِ المُجاهاةَ جاهلُ
ولو لم تكن تجلُو السَّرِيرةَ بالتُّقى ... صباحَك لَهْواءٌ ويومَك هازِلُ