أذاب نفسِيَ ممَّا جاء منك فلو ... لا أدمُعِي أحرقتْني نارُ أنْفاسي
وحين عاينْتُ صبْرِي عنك مُمتنعِاً ... وبِتُّ أضربُ أخماساً بأسْداسِ
كتبتُ والدمعُ يمحُو ما تخُطُّ يدي ... حتى بكتْ ليَ أقْلاَمِي وقِرْطاسِي
فاعطِفْ على مُسْتهامٍ عاشقٍ دَنِفٍ ... بين الرجاءِ لطَيْفٍ منك والْياسِ
ماذا الصدودُ الذي ما كنتُ آلَفُهُ ... متَى يلين لما بي قلبُك القاسِي
لو أنَّ لي ساعةً أشكُو إليك بها ... حالي وقد نام حُسَّادِي وحُرَّاسِي
مالي أُمَلِّك نفسِي مَن يُعذِّبها ... بالصَّدِّ عنِّي ومالي أذكُرُ النَّاسِي
يا ناسُ هل لي مُجيرٌ من هوَى رَشأٍ ... مُهَفْهفٍ كقَضِيب الْبانِ مَيَّاسِ
أذاب قلبي وسَلَّ النومَ عن مُقَلِي ... بفاتنٍ فاترِ الأجْفانِ نَعَّاسِ
مَن لي بزَوْرَتِه جُنْحَ الظلامِ وقد ... غاب الرَّقيبُ ونامَتْ أعيُنُ الناسِ
أُمسِي أُعانِقُه ضَمّاً إلى كبدِي ... ما في العِناق وما في الضَّمِّ من باسِ
وأنْثني عند رَشْفِي خمْرَ مَبْسَمِه ... سُكْراً وأسكَر من مارِيقةِ الكاسِ
عسى الذي قد قضَى بالحُبِّ يجمعنا ... يا طَلْعة البدرِ في دَيْجورِ أغْلاسِ
وقوله:
أفْدِي التي بِتُّ أبُلُّ الجوَى ... من رِيقها باللَّثْمِ والمَصِّ
قالوا لها لمَّا رأَوْا خَدَّها ... وفيه أثرُ العَضِّ والقَرْصِ
ماذا بخَدَّيْك فقالتْ لهم ... نِمْتُ ولم أشعُر على خِرْصِي
يا حُسْنَ خَدَّيْها وعَضِّي على ... ناعمِ كَفٍ تَرِفٍ رَخْصِ
كفَصِّ ياقوتٍ على دُرَّةٍ ... آهِ على الدُّرَّةِ والفَصِّ
وكتب إلى ولد عمه عز الدين محمد بن شمس الدين بن شرف الدين، يعاتبه لكلامٍ بلغه عنه:
أعاتُبه وهْو الملِيكُ المكرَّمُ ... وقبل افْتتاحي للِعتاب أُسلِّمُ
سلامٌ على أخلاقِك الغُرِّ كلَّما ... تألَّق عُلْويُّ السَّنَا المُتبسِّمُ
سلامٌ كزَهْر الروضِ صافحه الصَّبا ... وراح برَيَّا نَشْرِه يتنسَّمُ
كماءِ الصِّبا يجْرِي بخدِّ خَرِيدةٍ ... فيزْهو بها وردُ الخدودِ المُنعَّمُ
سلامٌ كأنفاسِ الحبيب اعتَنَقْتُه ... ففاح به ثَغْرٌ شَهِيٌّ ومَبْسَمُ
على حَضْرة المَلْك الأَعزِّ الذي له ... على صَهواتِ النجْمِ خِيمٌ مُخيِّمُ
له شرَفٌ يهوَى الدَّرَارِي لَوَ انَّها ... له شرَفٌ والشَّأْوُ أعلَى وأعظمُ
وبيتُ عُلاً فيه زُرارةُ ما احْتَبَى ... ولا نَهْشَلٌ فيه سَمُوحٌ مُعجّمُ
ولكنه بُنْيان مجدٍ يشِيدُه ... إمامٌ مُحِقٌّ أو مَلِيكٌ مُعظَّمُ
قواعدُ مجدٍ للفَخار قديمةٌ ... تأخَّر عن أدْنَى مَداها المُقدَّمُ
ليحْيَى أميرِ المؤمنين أساسُها ... وفيها لشمسِ الدين مَثْوىً ومَلْزَمُ
وقَفَّاهما في رَفْع بيتِ عُلاهما ... فتىً وصْفُه في المَعْلوات له سَمُ
مَلِيكٌ له تعْنُو الملوكُ مَهابةً ... فيَقْضِي عليهم ما يشاءُ ويحكمُ
منها:
صَبا قلبُه بالمجدِ والمجدُ دُمْيَةٌ ... وما مهرُها إلاَّ بمُعْتَرَكٍ دمُ
ومَن عَشِق العَلْياء شاق فُؤادَه ... حسامٌ وخَطِّيٌّ وطِرْفٌ يُحَمْحِمُ
منها:
أمولايَ يا خيرَ الأنامِ نداءُ مَن ... مَودَّته ما عاش لا تتصرَّمُ
نداءُ أخٍ ما زال يَسْدِي لسانُه ... عليك ثناءً كالعبيدِ ويُلْحِمُ
ثناءٌ يُعِير الروضَ وهْو مُفَوَّفٌ ... ويَخْجِل منه الدُّرُّ وهْو مُنظَّمُ