ويفْتَرُّ عن زهرِ الفَرادِيس زهرُها ... وباكَرها دمعٌ من المُزْنِ مُنْجَمُ
كأجْنحةِ الطاوُوسِ حُسْناً وبَهْجةً ... يدُلُّ له روضُ الربيعِ المُنَمْنَمُ
ثناءُ فتىً شاقْته منك شَمائلٌ ... حلَتْ فيه شُهْداً ثملَتْ فهي عَنْدَمُ
وطابتْ ففاحتْ عَنْبَراً وتنفَّسَتْ ... عَبِيراً فكادتْ في الوجوهِ تنَسَّمُ
فما بالُها في وجهِ وُدِّيَ قَطَّبتْ ... وكاد مُحَيَّا بِشْرِها يتجهَّمُ
وفيما أتاني عنك قلبِي بسيْفِه ... كَلِيمٌ وبعضُ القولِ كالسْيفِ يكلِمُ
تبِيتُ له في القلبِ منِّي قوارِصٌ ... تُؤرِّقني والناسُ حَوْليَ نُوَّمُ
يهيمُ ببَحْرِ الفكرِ منذ سمعتُه ... فؤادي إذا السُّمَّار نامُوا وهَوَّمُوا
أقول أخي قد أصبح اليومَ واجِداً ... ووَجْد أخي يُشْجِي فؤادي ويُؤلمُ
وكيف يظُنُّ السوءَ فيّ لنَيْربٍ ... نَماها إليه شيخُ سَوْءٍ مُذَمَّمُ
وماذا الذي إن كان حقّاً كلامُه ... سيحْوِيه كفِّي ساءَ ما يتوهَّمُ
فتبَّتْ يَداه كيف يعْزُو إليَّ في ... مَقامِك أمْراً ليس لي فيه مُلْزِمُ
وبعضُ مُعاداةِ المُعادِين غِبْطةٌ ... بلَى عِلَّةٌ يُنْحَى عليها فتُحسَمُ
كآدمَ إذْ عاداه إبليسُ عامداً ... وليس له ذَحْلٌ عليه ولا دَمُ
سعَى بيَ واشٍ لا سعتْ قدمٌ به ... فزَخْرَف أقوالاً وقال وقُلْتُمُ
أمَا قسَماً بالمُستجِنِّ بطَيْبةٍ ... وحِلْفيَ عن حِنْثٍ أُبِرُّ وأُكْرِمُ
لئن كان قد بُلِّغْتَ عنِّي جنايةً ... لَمُبْلغُك الواشِي أغَشُّ وأظلمُ
فرِفْقاً ورَعْياً للإخاء فإنني ... أخوك الذي يَلْوِ عليك ويَرأَمُ
يصُون ويرْعَى سالفاتِ عوارفٍ ... ويُنْبِىءُ عن مَكنُونها ويُتَرْجِمُ
فيا ملِكاً قد جاءني عنك أنّه ... تَمُرُّ بسمْعِي وهْو صابٌ وعَلْقَمُ
يقول فلان أنتُم تعلمونَه ... وهل علمِوا إلاَّ الذي أنت تعلمُ
وهل ذَمَّنِي إلا الحسودُ فإنه ... لَيعْلَم ما يُشْجيه عنِّي ويُرْغِمُ
ولو جاز إطْرائِي لنفسي سمعتَه ... ولكنَّ مدَح النفسِ للنفس يرحُمُ
عليك فسَلْ عن شِيمتِي غيرَ حاسدٍ ... يبُثُّ جميلَ الذِّكرِ لا يتلَوَّمُ
يقُل هو لا جَعْدٌ على الوَفْرِ كفُّه ... إذا نالَه من بَذْلِه يتبرَّمُ
ولا ضَرِعٌ إن فاقَةٌ فوَّقتْ له ... سهاماً وللنُّعْمَى ولِلْبُوسِ أسْهُمُ
ولا هو إن نال الغِنَى قصَر الغنى ... على نفسِه بل وَفْرُه مُتقسِّمُ
ولا هو مَن إن راح عُطْلاً من الثَّرَى ... يرُحْ وهْو عُطْلٌ من حُلَى الفضلِ مُعْدِمُ
يكُفُّ جِماحَ القولِ لا عن فَهاهةٍ ... وإن قال لا عِيٌّ ولا هو مُفْحَمُ
ويَأْتلِقُ النادِي بسِحْر بَيانِه ... كأنَّ سَناه في دُجَى الحظِّ أنْجُمُ
وتهْوى الغَوانِي أن مَنْظومَ فكرِه ... ومَنْثورَه في حَلْيِهِنَّ يُنظَّمُ
طغَى قلمي فاصفَحْ فإنك هِجْتَهُ ... بمَأْلُكَةٍ فيها عليَّ تحكّمُ
تجنَّيْتَ لي ذنْباً لتعذِر جانياً ... كذِي العُرِّ إذ يَكْوي صَحِيحاً ويسلَمُ
فلا غَرْوَ أن فار الإناءُ بمائِه ... ومِن تحته نارُ الغَضا تتضرَّمُ
وإنَّ كَمالِي مُنْتَمٍ ونقِيصَتِي ... إليك وإن أثْلَم فإنَّك تثلَمُ