للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعِرْضُ أخِي عِرْضِي وعرضِيَ عِرْضُه ... ولي لحمُه لحمٌ ولي دمُه دَمُ

أمولايَ يا من خُلْقُه الروضُ ناضِراً ... برَوْح له يرْتاح من يتوسَّمُ

أُعِيذُ كمالاً حُزْتَ خَصْلَ رِهانِه ... فجاوزْتَ شَأْواً دونه النجمُ يُحْجِمُ

وحِلْماً تزول الرَّاسياتُ وركنُه ... شديدُ المَباني لا كمَن يتحلَّمُ

وقلباً ذَكِيّاً مُشْرَباً ألْمَعيَّةً ... إياسٌ لديها أغْلُف القلب أفْدَمُ

أعيذك أن يُصْغِي إلى قولِ كاشِحٍ ... يُحبِّرُ زُوراً وَشْيَه ويُسهِّمُ

يُوافيك في بُرْدِ التَّمَلُّقِ كاذباً ... وتحسَب غُفْلاً بُرْدَه وهْو أرْقَمُ

وكيف وأنت الفحلُ جاز مِحالُه ... عليك لَعَمْرِي أنت أذْكى وأحْلَمُ

وهل في قَضايا العقلِ مولايَ أنه ... لديْك يُصدَّى صارمِي ويُكَهَّمُ

أخي إن كَففْتَ الخيرَ فالشَّرَّ كُفَّه ... كَفافاً فكُن إن الكَفافَ لَمغْنَمُ

فرفقاً بنفْسٍ من مقالِك أوْشكَتْ ... تذُوب وكادت حسرةً تتصَرَّمُ

أقول إذا جاشَتْ عليه وأرْزمَتْ ... وعادتُها من جَفْوةِ الخِلِّ تُرْزِمُ

هنيئاً مَريئاً غيرَ داءٍ مُخامرٍ ... لمَولاي منِّي ما يحِلُّ ويحرُمُ

أمولايَ من يُرْضِيك كُلُّ خِلالهِ ... وأيُّ فتىً في الناسِ قِدْحٌ مُقَوَّمُ

كفَى المرء نُبْلاً أن تُعَدَّ ذنوبُه ... فتُحصَى ومَن ذا من أذَى الناسِ يسلمُ

وإنِّي على ما كان مُثْنٍ وشاكرٌ ... مدَى الدهر لا أشكو ولا أتظَّلمُ

ولستُ بناسٍ ذِكْرَ أخلاقِك التي ... بها أنا مهما عِشتُ مُغْرىً ومُغْرَمُ

فلا تحسَبَنِّي صادِفاً للثناءِ إنْ ... ثَناك من الواشِين ظَنٌّ مُرَجَّمُ

وحقِّك إنِّي ما حيِيتُ لَوامِقٌ ... شمائَلك الحُسنَى مُحِبٌّ مُتيَّمُ

وهل يقْلَع الإنسانُ مُقْلَة نفْسِه ... وإن يأْت من عَوْرائها لا يهُوِّمُ

وليس انْتزاحي عن جَنابِك جاحِداً ... عوارفَ يدْرِي حقَّها اللحمُ والدمُ

ولكنَّ إخواناً أبَوْا لي فِراقَهمْ ... فطاوعْتُهم والقلبُ بالشوقِ مُفْعَمُ

ولا صارفاً وُدِّي لغيرك صادِفاً ... به عنك يأْبَى لي الوفا والتكرُّمُ

فؤادَك أبْغِي أن يكون مَكانتِي ... به حيث لا يرضَى وُشاةٌ ولُوَّمُ

إذا صَحَّ لي من قلبِك الوُدُّ وحدَه ... ظفِرتُ فلا آسَى ولا أتندَّمُ

وما لي إلى ماءٍ سوى النِّيلِ حاجةٌ ... ولو أنه أستغْفرُ اللهَ زَمْزَمُ

ومما يحسن من شعره، قوله:

نفسِي الفداءُ لشادِنٍ ... مُرِّ الجفَأ حلوِ المَراشِفْ

قاسِي الفؤادِ أعار أغْ ... صانَ النَّقا لِينَ المَعاطِفْ

لهِبتْ بنارِ صُدودِه ... كبدِي ودمعُ العينِ ذارِفْ

ومُمَنَّعٍ كالغُصنِ دُو ... ن لِقائِه خوضُ المَتالِفْ

مِن وَصْلِه وصُدودِه ... أنا دائماً راجٍ وخائفْ

فعَلتْ بنا ألْحاظُه ... ما تفعلُ الأسَلُ الرَّواعِفْ

مُتجاهِلٌ عمَّا يُقا ... سِي فيه قلبي وهْو عارفْ

وقوله:

نَسَماتُ النسيم من نَعْمانِ ... وابْتسام الوَميضِ باللمَعانِ

سَعَّرا نارَ مُهْجتي وأثارَا ... شَجْوَ قلبي وهَيَّجا أشْجانِي

ذَكَّراني بعَصْرِ وصلٍ تقضَّى ... آهِ لَهْفِي لفَوْتِ ما ذكَّرانِي

هاشَبابي مضَى وما نلْتُ وصلاً ... أين منِّي شبابُ عمرٍ ثانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>