يا خليليَّ خلِّيانِي فمابي ... من غرامٍ أذاب قلبِي كَفانِي
ما تُحلاَّ باللَّوْمِ عِقْدَ عهودِي ... فاعذِراني باللهِ أو فاعْذِلاني
فبسمعِي من ذلك اللومِ وَقْرٌ ... قد أجبْتُ الغرامَ لمَّا دعانِي
قسَماً بالحَطِيم والحِجْر والبَيْ ... تِ العظيمِ المُقبَّلِ الأرْكانِ
وبمَن حَلَّ عِقْدَ عهدي ومن قد ... حَلَّ منِّي هواه كلَّ مكانِ
وبِعَصْر الشبابِ عُذْر التَّصابِي ... وعفافِي إذا وصلتُ الغوانِي
وبِعصْيانيَ المَلامَ مُطِيعاً ... لغَرامِي وهذه أيْمانِي
إنني قد حملتُ من مُثْقلاتِ الصَّ ... دِّ ما لا يُطِيقُه الثَّقَلانِ
يا مُرِيدَ السُّوِّ لي كُفَّ عنِّي ... فعَنِ الحبِّ ليس يُثْنَى عِنانِي
أنا حِلْفُ الهوى رضيعُ الصَّبابا ... تِ حِلْفُ الغرامِ والأشْجانِ
بين قلبي وسَلْوتِي مثلُ ما بَيْ ... نَ حِسانِ الوُجوهِ والإحْسانِ
فاسْتَرِحْ عاذِلي ودَعْنِي أُعانِي ... من تبارِيحِ لَوْعتِي ما أُعانِي
لا تلُمْنِي ومثلَ نفْسِك عامِلْ ... نِي فإن الإنسانَ كالإنْسانِ
أنت بدْرِي وإن تجاهلْت ما يفْ ... علُ وَجْدٌ بِذِي هَوىً وَلْهانِ
لستَ لا والغرامِ تجهل شأْناً ... لِمُحبٍ وإن تجاهلتَ شانِي
أنت إمَّا مُغالِطٌ لِي وإلاَّ ... فغَيورٌ أو حاسِدٌ أو شَانِي
وجيه الدين عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب ابن علي بن شمس الدين بن شرف الدين بن شمس الدين بن أحمد بن يحيى.
الوجيه نضر الله وجهه، وجعل وجهته للفلاح خير وجهة.
من بين معادن الموجودات النضار أو العسجد، ومن بين جواهر الذوات درة التقاصير أو الزبرجد.
فهو كنز النائل المستماح، ومطلب الكرم والسماح.
له لب الفخار الأشب، وبحبوحة النسب والنشب.
سامي السماك بعزمٍ للحساد مبيد وماحق، وسبق إلى غايات الفضل ولا بدع فليس للوجيه لاحق.
وقد وقفت له على شعرٍ تلألأ غرة المجد في محياه، وتروق السقاة الأقمار كؤوسها من حمياه.
فمنه قوله:
قد طار قلبي إلى مَن لا أُسمِّيه ... وإن تناسَى الوفا فاللهُ يحْمِيهِ
مُهَفْهَفٌ مادَ من تِيهٍ ومن جَذَلٍ ... فكاد قَدُّ قضِيب الْبانِ يَحْكِيهِ
بدرٌ تكادُ بدورُ التِّمِّ تُشبِهُه ... والظَّبْيُ حاكاه لكنْ ما يُساوِيهِ
ذُو مُقلةٍ يعرف السحرَ الحلالِ بها ... قلبي بها يتقلَّى في تَلَظِّيهِ
كم أكتمُ الحبَّ في قلبي وأُضْمِرُه ... لكن مدامعُ عيْني ليس تُخْفيهِ
أبِيتُ أرْعَى نُجومَ الليلِ مُنْزعِجاً ... ألْتاعُ شوقاً وفي قلبي الذي فيهِ
لي نارُ وَجْدٍ واشواقٍ أُكابدُها ... للهِ قلبيَ فيه كم يُقاسِيهِ
البرقُ يُذْهِلُه والرِّيحُ يُدهِشه ... والشوقُ ينْشُره والوجدُ يَطْوِيهِ
ولده الحسين سيد هذه الأسرة بأسرها، والواقف على نكتة المسألة وسرها.
أحد من تحدى بما أبدى، وأسكت كل منطيقٍ لما أدى.
تصدر بالعلم وجلالة القدر، حتى شهد له الصدر بأنه الصدر.
وكانت بلادهم مخضرة الأكناف من أندائه، فشمل بره كافة أصدقائه وأعدائه.
فأصبح والهمم إليه نازعة، ولطاعته متنازعة.
والقلوبُ بولائه صبة، وإلى ثنائه منصبة.
افترت أيامه ضاحكات المباسم، واستوت فلك أمانيه على مراسم المواسم.
حتى قام الإمام محمد بن أحمد بن الحسن قومته التي أرهبت ليوث الآجام، وهي بعد أجنةٌ لم تخرج من الأرحام.
فما عقد أمانا، ولا وفى ضمانا.
ولا أشهد على نفسه ثقة، ولا غلط يوماً بفرط متعة.
ولبس لبس الأشرار، وخلع حلية الأحرار.
ضربا بالسيوف البواتك، وطعنا بالرماح الفواتك.
حتى لقيت اليمن منه العبر، ووقفت من خروجه على جلية الخبر.
فبعض كبرائها ترك الوطن وجلاه، والبعض الآخر أسلمته إلى القيود رجلاه.