دامتْ لنا منكما يا مالِكَيَّ على ... مَرِّ الزمانِ مَودَّاتٌ مُؤدَّاةُ
ما هبَّتِ الرِّيحُ والأرواحُ تُنْشِدها ... أهلاً بها فهْي أنفاسٌ ذَكيَّاتُ
قوله: جاءت تذكر أيام العقيق.
البيت فيه الاستخدام بالضمير، وهو استخدام حسن.
وقوله: من إن تثنى ... البيت.
هو كقول ابن نباتة:
يتثنَّى وحَلْيُه يتغَنَّى ... هل رأيتَ الحَمامَ في الأغْصانِ
وقوله: عليك يا جامع الحسن.
هو كقول الأول:
أجريْتُ واقِفَ مَدْمعِي من بعدِه ... وجعلتُه وقْفاً عليه جارِيَا
وقوله: يا من سبى طرفه الساجي.
فيه مراعاة النظير، وفيه التسجيح أيضاً.
وقوله:
كانت تنَازَع فهْي الآن أمْواتُ
قد نازعني كأس هذه النكتة، وأنا السابق إليها بقولي:
كم لي على حُسْنِه المطلوبِ من عُذَّلٍ ... قد نازَعوا وبغَيْظٍ منهمُ ماتُوا
وقوله: الخمر بالنص ... البيت.
فيه الاعتراض بجنتي، وهو من محاسن هذه القصيدة؛ لما اشتمل عليه من المعنى المبتكر البديع البعيد.
وقوله:
حقيقة وهْي في قومٍ مَجازاتُ
ذكرت به قول القائل في مدح أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه:
أنت للعلمِ في الحقيقةِ بابٌ ... يا إمامُ وما سِواك مَجازُ
وقوله: لو لم يكن هو آيةٌ من آياته، وفيه إثبات صفة غير ممكنة للموصوف، وهو كقول ابن نباتة:
ولو لم تكنْ في الجودِ للناسِ آيةً ... لمَا كان مُنْهَلُّ الغَمام تَلاكَا
وهذا النوع من البديع بديع، منه قول الخطيب الدمشقي:
لو لم تكُنْ نِيَّةُ الجَوْزاء خِدْمتَه ... لمَا رأيتَ عليها عقدَ مُنْتطِقِ
وقول التهامي:
لو لم يكُنْ أُقْحُواناً ثَغْرُ مَبْسَمِها ... ما كان يزْدادُ طِيباً ساعةَ السَّحَرِ
وقوله أيضاً:
لو لم تكُنْ رِيقَتُه خَمْرةً ... لما تثَنَّى غُصْنُه وهْو صاحِ
وقول أبي إسحاق الغرناطي:
ولو لم يكُن رِيقُه سُكَّراً ... لمَا دار من حَوْلِه الشَّارِبُ
ومن محاسن الحسين، قوله مضمناً ومورياً، لما استشهد أوحد الأمراء صفي الدين أحمد بن محمد بن الحسين، وكان لكثرة صمته تلقبه العامة بحجر:
ودِدْتُ مَصرعَ مولانا الصَّفِيِّ ولا ... رجوعَ في سِلْكِ قومٍ بعد أن كسرُوا
وصرتُ أُنْشِد من كَرْبٍ ومن أسَفٍ ... ما أطْيَبَ العيشَ لو أن الفتَى حَجَرُ
السيد عيسى بن لطف الله بن المطهر بن الإمام شرف الدين هو من سادات هذه القبيلة، ونبغاء هذه الطائفة النبيلة.
متعادل الشرفين، محبوك الجد من الطرفين.
وله كلماتٌ من نفحة عيسى فيها نفخة، ومحاضرات في صفوة المدامة منها رشحة.
وكان في كل العلوم مشاراً إليه، إلا أنه أكثر من علم النجوم فغلب عليه.
فمن شعره هذه القصيدة، كتبها إلى الإمام القاسم، يتنصل مما ينسبه الناس إليه، وكان توجيهها من كوكبان إلى شهارة.
وهي قوله:
ما شاقَنِي سَجْعُ الحَمامهْ ... سَحَراً ولا بَرْقُ الغَمامَهْ
كلاَّ ولا أذْكَى الجوَى ... ذِكْرُ العُذَيْب وذكرُ رَامَهْ
ودموعُ عيني ما جرَتْ ... شَوفاً إلى لُقْيا أُمامَهْ
هيْهات قلبي لا يمِي ... لُ إلى مليحٍ هَزَُّّ قامَهْ
ما شاقَنِي إلاَّ الذي ... نفْسِي عليه مُستَهامَهْ
بَرٌّ كريمٌ ماجدٌ ... حازَ الجَلالةَ والشَّهامَهْ
وحوَى الفَخارَ جميعَه ... حتى غدا في الدهرِ شامَهْ
لبِس الفضائلَ حُلَّةً ... فبدَتْ لها منه وَسامَهْ
فردٌ تفرَّد بالعُلَى ... ولديْه للعَلْيا عَلامهْ
أعْنِي أميرَ المؤمنِي ... نَ مُغِيثَ أرْبابِ الظُّلامَهْ
القاسمَ المنصورَ مَن ... زان الخلافةَ والإمامَهْ