ذَا مَدْمَعٌ للوصلِ أضْحَى سائلاً ... لا تنْهرَنَّ الدمعَ في أُخْدودِهِ
يا طَرْفَه السَّفاحَ لستُ بمُهْتدٍ ... هيْهات يا مُهدِي الهُدَى برَشيدِهِ
لا تعْجلَنَّ فإنَّ عبدَك طائعٌ ... أوَ لستَ تنظُر منه في تسْوِيدِهِ
مَن لي بوَقْفتِك الشَّهيرةِ مَرَّةً ... يرْثِي لها الصَّفْوانُ في جُلْمودِهِ
بُعْداً يُرَى في العيْن مَيْلاً قُرْبُه ... ويطُول فَرْسَخُه كطُولِ بَرِيدِهِ
هل نافعٌ لي عاصِمٌ يا مالكِي ... في سُورةِ الدعوَى وفي تجْوِيدِهِ
يا كامل الأوْصافِ دونَك كامِلاً ... تُزْرِي ببَحْر طوِيلِه ومَديِديدِهِ
مطهر بن صلاح الهادي أظن أن هذا الاسم لا يتخلف، وإنما اره يتحد مع مسماه ويتألف.
فإن الأصل أصلٌ طاهر، واستفادة الكثرة من الفرع معنىً ظاهر.
فهذا المطهر ازداد طهارة في الروح والجسم، واحتسى كأس المحبة من يد ساقي الغيب وما غير ذلك الاسم.
وله شعر جرى فيه على ذائقة أهل التصوف، وملك به في حلبة الواصلين إلى المعرفة عنان التصرف.
فمنه قوله:
صار حُبِّي لأحبابِي سلِيقَهْ ... وهوَى الغيرِ اخْتلاقٌ لا خلِيقَهْ
هكذا مَرَّ زماني معهم ... والهوَى فيه مَجازٌ وحقيقَهْ
ففؤادِي لأحبابِي غدَا ... صادقاً يخْتارُه أهلُ الطريقَهْ
لستُ ممَّن وُدُّه زُورٌ ولا ... أنا ممَّن بالنَّوَى ينْسَى حُقوقَهْ
بل وِدادِي ذلك الوُدُّ الذي ... قد غدَتْ فيه عُرَى عهدِي وَثِيقَهْ
ليتَ مَن أضْنَى فؤادِي حبُّه ... يتلافانِي بسُقْيا خَمْرِ رِيقهْ
السيد لقمان ابن أحمد بن شمس الدين بن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المعي هوى المعارف فحذقها، ولزم الحكمة فنطقها.
كان يتراسل هو والسيد محمد بن عبد الله بن الإمام شرف الدين.
فمما كتبه إلى السيد محمد بيتان قد طارا كل مطار، وزانا ببهتهما الأقطار.
وهما:
واسِطةَ العِقْدِ متى تأتِنا ... فعِقْدُنا أضْحَى بلا واسِطَهْ
وحالُنا أضْحَت بلا صاحبٍ ... وجُملةُ الوصلِ بلا رابطهْ
وكتب إليه السيد: إلى سيده وأخيه لقمان بن أحمد أبقاه الله حلياً لعاطل الزمن، وسناً لمحيا اليمن، وقد ذهب عني وأنا نائم فانتبهت وقمت، وأرسلتها إليه، وقد طلع إلى ذمار:
مَن عَذِيرِي مولايَ منك فقد ... غادَرتْ قلبي لما به من غَرامِ
رحْتَ عنِّي في نَوْمتي فتوهَّمْ ... تُ بأن اللِّقاءَ طيفُ مَنامِ
وشَجَى نفسِيَ الفِراقُ فناجَتْ ... نِي إن الفِراقَ في الأحْلامِ
زعمْتني وَسْنان وَجْداً ومالتْ ... بِي لما زَخْرفَتْ من الأوْهامِ
وأنا الآن لستُ أدرِي أيْقظا ... نُ أنا أم مُهَوِّم لهيامِ
سَكْرةٌ من جَوَى فِراقِك مَولا ... يَ ولا سَكْرةُ الرَّحِيقِ المُدامِ
فأجابه بقوله:
سيِّدي لا ترى عليَّ فإنِّي ... بطُلوعِي بادرتُ صَوْبَ الغَمامِ
وثِيابِي كما علمتَ من الرِّقَّ ... ةِ قد أذَّنَتْ بصِدقِ انْصرامِ
لو ترى السُّحْبَ قد أطلَّتْ لسالتْ ... فوق مَتْنِي أبِتْ لليْل التَّمامِ
فابْسُط العُذْرَ يا أخي إنَّ فعلِي ... قد تجاوزْتُ فيه حَدَّ احْتشامِ
ونِظامِي هذا فقيرٌ إلى سَتْ ... رِك فاسْتُرْ فأنت رَبُّ النِّظامِ
بيت المهلا المهدوي الشرفي هذا البيت له نبأٌ يذكر، وحديث غير معلٍ ولا منكر.
وبنوه في العلم والجاه، مآل الأماني والآمال المرتجاة.
سمتهم توفيق وهدى، ومنذ التحموا في المعارف لم يدعوا شيئاً سدى.
فمنهم: عبد الحفيظ بن عبد الله كبيرهم المنتقى، ورئيسهم الشامخ المرتقى.
الورع المجتهد، والساهر المهجد.
جلى وبرز، وحاز فضل السبق وأحرز.
وقد أنار بصيرته، وجبل على الخير سيرته.