رأيْنا بها ما يملأُ العينَ قُرَّةً ... فروَّحتِ الأرواحُ من حُسْنِ ما نَرى
زيارتُهم فيها لقلبي مَسَرَّةٌ ... غدَتْ مَورِداً للصالحاتِ ومصدَرَا
سَلِي إن أردتِ اليومَ عنِّي وعنهمُ ... تَرَىْ ما يسرُّ الأولياءَ بلا مِرَا
شَفَتْنا وأوْلتْنا فوائدَ عندها ... يُسهَّل للأحبابِ ما قد تعسَّرا
صفَتْ عندنا تلك الصفاتُ التي علَتْ ... وفاقتْ وراقتْ للقلوب بلا امْتِرَا
طوَيْنا لدى الأصحابِ كلَّ مَقالةٍ ... وقد كان في نفسِي مقالٌ تكثرَا
ظفِرْنا بما نرجُو من الحسَن الذي ... يُفِيدك إن أقْرَا الفوائدَ أوْ قَرَا
عليمٌ بأعْقاب الأمورِ كأنما ... لِما في غدٍ من قبل يأْتيه أبْصَرَا
غدوْتُ عليه عاتباً حين أهْمل الْ ... أخُوَّةَ لمَّا ينْتظرْنِي ويذكُرَا
فواعجَباً من فعْلِه حين غِبْتُ عنْ ... مَحافلِه هلاَّ لحقِّيَ آثَرَا
قرأتَ حماك اللهُ لم تنتظِرْ لنا ... وعُذرِيَ أن السحبَ بالغيثِ أمْطرَا
كفَى حُجَّةً بُرهانُها مُشرِقٌ بما ... فعلتَ على إهْمالِ حقِّي بما عَرَا
لوَيْت عِنانَ الوُدِّ عنِّيَ عامداً ... وأُنْسِيتَ حقّاً للإخاءِ مُؤثَّرَا
مَحلُّك فوقَ الشمسِ عندي وإنني ... لأبْنِي له فوق المَجرَّةِ مَعْمَرَا
نَحَوتُكُم لمَّا تقشَّع سُحْبُها ... وسرتُ إلى سُوحِ المَعالي مُبكِّرَا
وقد لاح في الصُّبْحِ الثُّريَّا كما ترَى ... كعُنْقُود مُلاَّحِيَّةٍ حين نَوَّرَا
هو الصُّنْع إن تعْجلْ فخيرٌ وإن تَرِثْ ... بِعُذرٍ فكم رَيْث به عاد أكْبَرَا
يقول لك القلبُ الذي ترَ الهوى ... إذا أنتَ راعيْتَ الإخاءَ المُقرَّرَا
لأَعْظمِ من أوْلَى ووالَى صنِيعَهُ ... وحاز من الخيراتِ سَهماً مُوفَّرَا
ألستَ من القومِ الذين وَلِيدُهمْ ... يُرَجَّى لإقْرَاءِ العلوم وللقِرَى
بلغْنا السمَا مَجْداً وعزّاً وسُؤدداً ... وإنا لَنرْجو فوق ذلك مَظْهرَا
تجرَّدْ لأخْذِ العلم عنهم فإنهم ... أئمَّتُها وارحَلْ إليهم مُشمِّرَا
ثَباتُهم فيها عظيمٌ رُسوخُه ... وذِكْراه قد يُولِي الثناءَ مُعَنْبَرَا
جزَى الله آبائِي عن الكلِّ خَيْرَه ... وأبْقاهمُ ماقيل نظمٌ وسُيِّرَا
حَمَوْا بعَوالِيهم حِمَى الدِّين واستوَوْا ... على فلَك العَلْياءِ لمَّا تنوَّرَا
عليك سلامُ الله ما انْهَلَّتِ السَّما ... بوَدْقٍ على روضٍ أرِيضٍ فأزْهَرَا
فأجابه بقوله:
أُسَرُّ إذا حقَّقت في النومِ معشَرَا ... وتكثُر أفْراحِي إذا كان أكْثَرَا
بِنَاءً على أن امْرَأً باد عمرُه ... إذا كان في غيرِ العلوم تكثَّرَا
تبيَّنْتُ أن العِزَّ في العلمِ والعُلَى ... وأن تِجَارَ العلم هم خِيرةُ الورَى
ثنائِي عليهم لا على كلِّ مُهْمِلٍ ... يُجانبهم ممَّن عَتَا وتجبَّرَا
جَنوا ثمراً من روضِ كلِّ فُنونِه ... وأعطاهمُ الرحمنُ حظّاً مُوفَّرَا
حَرِيُّون بالتقْديم أقدامُهم على الثُّ ... ريَّا وأهلُ الجهلِ في أسْفلِ الثَّرى
خَلاَ مَن غدَا في دهْرِه مُتعلِّماً ... ومستمِعاً ما فاق دُرّاً وجوهرَا
دنا منهمُ فازداد فضلاً ورِفعةً ... وعاش حميداً في الورى مُتبصِّرَا
ذكرتُ خِلالاً للحُسَين فسرَّني ... بأن أخي للعلمِ أضْحى مُشمِّرَا