دعِ التَّصابي في المَقام الذي ... فاق سناءً واقْصِد الأفْضَلا
وقُلْ بأعلَى الصوتِ إن جئْتَه ... يا مَلِكاً حاز جميعَ العُلَى
هُنِيتَ هذا الشرفَ الأطْولاَ ... فالمَفْخرُ الباذِخُ فوق المَلاَ
أدركتَ مَجْداً عُشْرُ مِعْشارِه ... قد أعجز الآخِرَ والأوَّلاَ
ما أنتَ إلاَّ آيةٌ أُنْزِلتْ ... تقمَع من حَافَ ومن أبْطَلاَ
يشْهد ما في الأرضِ من علمِه ... أنَّك صِرْتَ الواحِد الأكْمَلا
نورَ هدىً يُهْدَى به ذو التقى ... نارَ وَغىً حاميةَ المُصْطَلى
وبحرَ علمٍ ماله ساحلٌ ... يزْخَر إن فَصَّل أو أجْمَلاَ
دقيقَ فكرٍ ما رأَى مُشكِلاً ... إلا وحلَّ المُشكِلَ المُعضِلاَ
يا ابنَ أميرِ المؤمنين الذي ... ما برِحَ النصرُ له مُقْبِلاَ
رُمْحُك لا يألفُ إلا الحشَا ... سيفُك لا يعشَق إلا الطُّلاَ
طَرْفُك يخْتاضُ دماءَ العِدَى ... كأنها كانتْ له مَنْهَلاَ
مُنتَعِلاً في الرَّوْعِ هاماتِهمْ ... مُجلِّلاً أكبادَهم والكُلَى
نهَدْتَ للتُّرْكِ وقد حَزَّبوا ... أجْنادَهم تملأُ عُرضَ الفَلاَ
تغَصُّ قِيعانُ زَبِيدٍ بهمْ ... تَخالُ فرسانَهم أجْبُلاَ
فدارتِ الحربُ وقد أمَّلُوا ... رَأْياً وقد يُعْكَس مَن أمَّلاَ
وزاوَلُوا منك فتىً ماجِداً ... لا يرهَب الموتَ إذا أقْبلاَ
يسْتحسِن الدِّرْعَ على جسمِه ... ثوباً ويسْتخْشِن ثوبَ المُلاَ
سابِغةً تسْخَر بالبِيضِ في الْ ... هَيْجَا وتسْتزرِي القَنا الذُّبَّلاَ
فَجُرِّعوا من بأسِه عَلْقَما ... مُعْتصَراً من شَجَراتِ البَلاَ
واستبْدلُوا عن صهوات الذُّرَى ... والضُّمَّرِ الُجرْدِ بطونَ البِلَى
فمنهمُ مَن جاء مُستسلِماً ... ومنهمُ مَن طار خوفاً إلىَ
فهكذا فلتكُنِ الهمَّةُ الْ ... قعساءُ والفخرُ وإلاَّ فلاَ
فانْقشعتْ تلك الغَياباتُ عن ... مُهذَّبٍ كالقمرِ المُجْتلَى
عن فاطِمٍ ذِكْرُ أيامِه ... يفعلُ في السامِع فعلَ الطِّلاَ
الحسنِ بن القاسم النَّدْبِ مَن ... غار على الإِسلامِ أن يُهْمَلا
وشاد رُكْناً لبني هاشمٍ ... طاوَل مِن رِفْعتِه يَذْبُلاَ
ساسَ من الشِّحْرِ إلى مَكَّةٍ ... إلى الحِمَى عُمْرانَها والخَلاَ
ودَوَّخ الأرضَ فلو رام تَخْ ... تَ الشَّامِ بَلْه الرُّومَ والمَوْصِلاَ
لأقْبلتْ بالطَّوْعِ مُنْقادةً ... لأمْرِه أسْرَعَ مِن لاَ ولاَ
ونالَ منها كلَّ ما يبْتغِي ... وحازَها بالسيفِ أو بالجَلاَ
وما هِيَ الأرضُ وما قَدْرُها ... عندك يا مَن قَدْرُه قد عَلاَ
لو أنها عندك مجموعةً ... وهَبْتَها من قبلِ أن تُسأَلاَ
ولو أمرتَ الشُّهْبَ إقْبالَها ... نحوك لا تلبَثُ أن تنزِلاَ
وضَيْغمُ الأفلاكِ لو رُمْتَه ... جَعلتَ من قُرونِه أنْعُلاَ
ولو نهَيْتَ الدهرَ عن فِعْلِه ... بالحُرِّ لاسْتعبَدَ واسْتمثَلاَ
وإن يُرِدْ منه على بُخْلِه ... يُوليِه بِرّاً كاد أن يفعَلاَ
دُمْتَ لدِين المصطَفى مَعْقِلاً ... ولِلهَّيِفِ المُعتفِي مَوْئِلاَ
وقوله، من نونية، أولها:
هام وَجْداً بساكِني نَعْمانِ ... حَسْبه من أحِبَّةٍ ومكانِ
جِيرةٌ خَيَّموا فخَيَّم قلبي ... واستقلُّوا فهام بالأظْعانِ