للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد لانت أخلاقهما، وما بات إلا بالأدب اعتلاقهما.

وكلاهما في حلبة الأدب من الفرسان، وفي شوطها ممن أحرز قصب الإحسان.

ولهما شعر لا تنجاب ديمته، ولا تغلو بغير قلمهما قيمته.

فمن شعر السيد إسماعيل، قوله من قصيدة يمدح بها المتوكل إسماعيل.

أولها:

أصبح الدهرُ طَيِّبَ الأوقاتِ ... كاملَ الحُسْنِ وافِرَ الحسَناتِ

مُشْرِقَ الوجهِ باسمَ الثغر يزْدَا ... دُ بِمَرِّ الشهورِ والسَّنَواتِ

كعَرُوسٍ من فوقه زادَها الْحَل ... يُ جمالاً إلى جمالِ الذَّاتِ

غادة تسلُب العقولَ وتغْتا ... لُ قلوبَ الأنامِ باللَّحَظاتِ

ينتُ سَبْعٍ وأربعٍ وثلاثٍ ... برَعتْ في السكونِ والحَركاتِ

تتثنَّى فينْثني مِن وَراها ... خافِقُ القلبِ ساكبُ العَبَراتِ

جَمْعت كلَّ مُفْرَدٍ من جمالٍ ... وتثَّنتْ غُصْناً من المائساتِ

مُذ تولَّى أمرَ الخلافةِ فيه ... أوْحَدِيُّ الأفعالِ جَمُّ الصِّفاتِ

ثابتُ الجأْشِ ثابتُ الرأيِ إسما ... عيلُ حِلْفُ الهدى حلِيفُ الهُداةِ

هدوِيٌّ في نِسْبةٍ من أبيه ... قاسمِيٌّ في نِسْبةِ الأُمَّهاتِ

تتلاقَى أطْرافُه في المَعالِي ... بين خَيْرٍ وخَيْرةِ الصَّالحاتِ

منها:

يا إمامَ الزَّمانِ قد أسْعَد اللَّ ... هُ أُناساً رأَوْك قبل المَماتِ

شاهدُوا فيك من صِفاتِ عليٍ ... جُملةً أخْبرتْ عن الباقياتِ

منها:

بَّق الأرضَ جُود كفّيْك فيه ... وعَمرْتَ الورى بأسَنْى الهِباتِ

يتبارَى كفاك والبحرُ جُوداً ... فأنافَا سَبْقاً على الذّارِياتِ

صِفَةٌ من صفاتِ جَدِّك قد جا ... ء بمضْمونِها حديثُ الرُّواةِ

وهي طويلة.

وللسيد يحيى من كتاب إلى الحسين بن الناصر، وقد اطلع على كتابيه المواهب القدسية ومطمح الآمال، في إيقاظ جهلة العمال، من سنة الضلال.

أما بعد؛ فإنه جاءني كتابٌ كريم، ومسطور أنشأه عظيمٌ عليم.

حفظه الله، وأطال في عافيةٍ بقاه، وأهدى إليه سلاما طبق فضله وكفاه، وحباه برحمته وبركاته غدو عمره ومساه.

فآنسني مجيئه وسر، ووصلني به منشيه وبر.

وبهرني كماله الباهر، وملأ صدري إعظاماً له فضله وإفضاله الغامر.

فدعوت الله أن يتولى مكافأته عني، ويجزيه أفضل ما جزى به المحسنين الواصلين نيابةً مني.

والله تعالى يشكر مساعيه الحميدة، وعوائد نفعه العديدة.

هذا، وقد طالعت مؤلفيه اللذين أحكمهما، فوقفت فيهما على علمٍ كبير، ووصلٍ خطير.

أما شرح المنظومة فقد انطوى على علم غزير، وفقه كثير.

وانتظم نظم المقارضة للفظ الأنيق، والجمع للزيادات مع أسلوبس رشيق.

وأما كتاب مطمح الآمال، فلقد جمع على حصره، من أعيان الهداة، ومن شمائلهم وسيرهم، وأمثلة تقواهم لربهم وخشيتهم له ومراقبتهم، ما هو لباب المطولات، ومقصود المبسوطات.

وتمم كماله ما ضمه إليه من مكاتبات العلما، ومباحثات الفهما.

فصار مصباحاً للبصائر، ومفتاحاً لما انغلق من منهاج الأخائر.

وإن فيما اشتمل عليه لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد.

وإن طريق الحق لأبلج، لولا حب الدنيا فإنه رحيب المدخل ضيق المخرج.

ومن شعره قوله:

قد لاَمَنِي العاذلُ لمَّا رأَى ... صَبابتي في الشَّادِن الشارِدِ

وقال مهلاً لا تَرُم وَصْلَه ... فقد غدا في شَرَكِ الصَّئدِ

السادة النعميون السيد علي بن الحسن ذو النسب الطاهر، والحسب الظاهر.

ليس له مدان، غير بني عبد المدان.

فيه شمائل نسمات نجد، وله كلفٌ بالمعلوات ووجد.

نشأ في بيت الفضل والنعمة، ونما على فرش اللين والنعمة.

إلى سجية مرتاضة، وطبيعة فياضة.

وثمة لفظٌ ألذ من حلاوة عدن، ومعنىً أشهى من العافية إلى البدن.

فمن شعره، قوله في الزهر:

سَرْحةُ الروضِ نُزهةٌ للنفوسِ ... وبها مَرْهَمٌ لداءٍ وبُوسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>