للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهْيَ أشْهَى لإلْفِها من سُلافٍ ... قد أُدِيرتْ على نَدامَى الكؤُوسِ

ولها صورةٌ بمَنْظر قلبِي ... هيَ أبْهَى من صورةِ الطاوُوسِ

فاسْتمرُّوا في دَرْسِها فالمَعالي ... تتهادَى في حالكاتِ الدُّروسِ

والمَعاني مُهورهُنَّ مَغانٍ ... وارداتٌ عن صَفْوةِ القُدُّوسِ

وجليسٌ مُذاكِرٌ في رَشادٍ ... خيرُ خِلٍ وصاحبٍ وجليسِ

فإذا لم يكُن فصُحْبةُ سَفْرٍ ... هي عند اللَّبِيبِ خيرُ أنِيسِ

واسْتمِدُّوا فضلاً من اللهِ يأْتِي ... فيه نورٌ يفُوق نورَ الشُّموسِ

واسْتعِينُوا بالصَّبْر كيْما تفُوزُوا ... بِخلالٍ عظيمةِ النَّاموسِ

فسلامٌ عليكُمُ مُستمِرٌّ ... ما هَمَى عارِضُ الغمامِ الرَّجيسِ

وله من رسالة كتبها إلى الفقيه أبي القاسم بن محمد أبي هم، في مسألة حصلة بينهما فيها نزاع: وقد كان الأولى رفع النفس عن مجاراتك في جهلك، والالتفات إلى فرطات عقلك.

وكف اليد عن جوابك، وقطع المدى عن عتابك.

غير أني أعلم أنك لم تعدني بالإعراض متكرما، ولا بالازورار عنك مستحكما.

بل تقدر مع ذلك أنك قد أصبت معظم الصواب من هذا البحث، وأنك قد أخذت بمقالك الأقبح الأرفث.

وأيضاً، فإن من محكم كلام الجليل: " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ".

ومن قول حكيم الشعر.

إذا أتَتِ الإساءةُ من وضيعٍ ... ولم أَلُمِ المُسِيءَ فمَن ألومُ

وبعد هذا، فاعرف موضع قدمك قبل المسير، وتبصر في الأمور أيها الجاهل الغرير.

وقف عند انتهاء قدرك، وانظر في إصلاح أمرك.

فالأولى لك أن تكون متعلما لا معلما، وأن تكون متفهما لا مفهما.

وليس لك فيما سلكت جملٌ ولا ناقة، ولا تذكر في مقدمة ولا ساقة.

السيد محمد والسيد حسن، ابنا علي بن حفظ الله غرتان في جبهة الزمن، وشامتان في وجنة اليمن.

أماطا عن وجه البلاغة البراقع، وطلعا كالنسرين الطائر والواقع.

ولهما جمعية أدوات تعجز الإدراك، وانحيازه نزعات تأبى في سواهما الاشتراك.

وشعرهما في غاية ما يكون، يحرك بالضرورة طرباً له كل ذي سكون.

فمما يحمد لمحمد قوله، من قصيدة أولها:

مَن لقلبٍ مِزاجُه الأهواءُ ... وعيونٍ أودَى بهِنَّ البكاءُ

لِشَجِيٍ متيَّمٍ مُستهامٍ ... هَمُّه النَّوْحُ دَائباً والأساء

يا خليليَّ بالبُكا ساعِداني ... في عِراصٍ ربُوعهنَّ خَلاءُ

دارِ ليلى ودراِ نُعْمٍ وهندٍ ... وديارٍ تحُلُّها أسْماءُ

وقِفَا بي هُدِيتُما لو فَوقاً ... فوُقوفِي على الطُّلولِ شِفَاءُ

أيها الرسمُ هل تُجِيبُ سؤالاً ... لِمَشوقٍ أوْدتْ به البُرَحاءُ

كائناً عن ودادِ ليلى بهندٍ ... وبنُعْمٍ وشوقُه أسْماءُ

وكذا كلُّ مُولَعٍ بحبيبٍ ... يتكنَّى وهل تُفِيد الكُناءُ

بُحْ غراماً إن كنتَ حِلْسَ ودادٍ ... وقُلِ اللومُ في الحسانِ هُذاءُ

أنا حِلْفُ الغرام في كلِّ حينٍ ... وفؤادي من السُّلُوِّ هَواءُ

كلَّما أزْمع الفؤادُ سُلُوّاً ... ذكَّرتْني وَهْنانةٌ هيفاءُ

بعيونٍ فواترٍ ساجياتٍ ... رُسُلُ الموت بينها كَمْناءُ

قائلاتٍ لمن تمنَّى هَواها ... لا بقاءٌ مع اللِّقا لا بقاءُ

وقُدودٍ بمَيْلها تتثَّنى ... ظامِياتٍ أكْفالُهنَّ رِواءُ

يُطمِع الصبَّ لِينُها في لِقاها ... وهْيَ للصبِّ صخرةٌ صمَّاءُ

لم أنَلْها بالعين إلاَّ اخْتلاساً ... رَدَّ عيني عن الصَّفاةِ الضِّياءُ

وعَدانِي عن ازْدِيارِ حِماها ... رُقَباها وصَدَّها الرُّقباءُ

فتارني أهْوَى المَمات طماعاً ... لازْديارِي منها وبئس الرَّجاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>