للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاك جواباً قلتُه مَعْ شواغلٍ ... وأشجانِ قلبٍ لا أُطِيق له حَصْرَا

ولا تعْتِبنِّي فالوِدادُ مُحقَّقٌ ... وأنت به يا ذا الوفا في الورى أدْرَى

ودُمْ في نعيمٍ لا انْقضاءَ لعُمْرِه ... تفُوق به فضلاً وتسمُو به قَدْرَا

فراجعه بقوله:

خُذَا إن رَنا من سِحْرِ مُقْلتِه الحَذْرَا ... فأيُّ فؤادٍ لا يبِيتُ به مُغْرَى

وإيَّاكما من نارِ مُتْرَفِ خدِّه ... فلِمْ تركتْ أحْشاءَ رامِقِها حَرَّى

غزالٌ إذا قُلنا حكى الليلَ شعرُه ... أبان لنا فَرْقاً مُبِيناً حكَى الفَجْرَا

غَنِيُّ جمالٍ إن أتى مَعْشَرُ اللِّقا ... إليه بدمعٍ سائلٍ ردَّه نهرَا

مُبَرَّدُ رِيقٍ للقلوبِ مُقاتلٌ ... بمكْحولِ جَفْنٍ منه لم ينْجُ مَن فَرَّا

يعلِّم أغصانَ النَّقا كيف تنْثنِي ... قَوامٌ له يا قومُ ما عرف الهَصْرَا

ويرْنُو فتُصْبِينا جفونُ عيونِه الْ ... مِراضِ وتُصْمِينا سهامٌ له تُبْرَى

له اللهُ رِيمٌ ما أعزَّ نِفارَه ... وأمْلَحه شكلاً وأحْلاه إن مَرَّا

يُحذِّرني من حبِّه كلُّ كاشِحٍ ... ولم يدْرِ جهلاً أن تحْذيرَه أغْرَى

ولو لم يكنْ أعْلَى ذوِي الحُسْنِ رُتْبةً ... بما حازَه ما كنتُ أسكنْتُه الصدرَا

مليحٌ بَراه اللهُ أحسنَ ما يُرَى ... فأرْدَف منه الرِّدْفَ واخْتصَر الخَصْرَا

أطار فؤادِي نحوه ثم حَلّه ... ولم يرَ طَرْفٌ طائراً قد غدا وَكْرَا

عجبتُ لدمعِي في الخدود مُسَلْسَلاً ... وما جَنَّ إلا القلبَ فهْو به أحْرَى

ويعجُم عندي باللَّواحظِ مَنْطقِي ... فيُعرِب عنِّي مُهْمَلاً يُوضِح العُذْرَا

ومِن عاذِلٍ بالصبرِ ما زال آمرِي ... وإنِّي مع الهجْران أسْتعذِب الصَّبْرَا

لِيَهْنِ فؤادي أنه فيه نازلٌ ... وأُفْقُ العُلى أنى بَدرْتُ به بَدْرَا

لِيَ الشرفُ الضَّافِي عليَّ دِلاصُه ... مع السُّؤْددِ الضخمِ الذي يطَأ النَّسْرَا

ولِي قلمٌ فيه المَنِيَّةُ والمُنَى ... إذا خَطَّ أبْدَى الأنْجُمَ الزُّهْرَا والزَّهْرَا

وكم حافظٍ ذِكْرَ ارْتفاعي بصَمْتِه ... وما هو إلاَّ ناصبٌ فُتُّه فَخْرَا

ونِكْسٍ جهولِ رام يُدْركني وهل ... تُرَى يمكِن الزُّرْزُورُ يقتنِص الصَّقْرَا

عَلَوْتُ كمالاً فالثُّرَيَّا إذا غدتْ ... ترَى منزلي والشمس فيه غدتْ تِبْرَا

ألم ترَنِي فوق السماءِ كأنني ... أُنَظِّم في أقْوَالِيَ الأنْجُمَ الزُّهْرَا

فأُثْنِي على قاضِي القُضاة محمَّدٍ ... فتَى النَّسَبِ الوَضَّاح مَن زَيَّن الدَّهْرَا

منها:

أخو الفضلِ فينا جعفرُ الجُودِ خالدُ الْ ... محامِد يُحيِي ذكرَه كلَّما مَرَّا

إذا أرقَم القِرْطاسَ قَرْطَسَ أسْهُماً ... ترى العين منها في نُحور العِدى نَحْرَا

هو البَرُّ في الأفعال والبحرُ في النَّدَى ... وأعْجَب ما شاهدتَ بَرّاً غدا بَحْرَا

أرى العلمَ ألقَى منه في قُدْسِ صدرِه ... عَصا السَّيْرِ لمَّا أن رآه لها أحْرَى

فتىً عمَّر الداريْن بالجودِ والتُّقَى ... وأحْرزَ من دون الورَى الفخرَ والأجْرَا

هذا ما وجدته منها في مسوداتي، ولها تتمة غفلت عن إلحاقها.

عبد الرحمن بن محمد الحيمي بحرٌ زاخر، لا يدرك منه آخر.

تشنفت به الأسماع، وانعقد على فضله الإجماع.

وهو في الأدب صاحب آيته، وواصل غايته.

ونكتة مساءلته، وفارس محلته.

<<  <  ج: ص:  >  >>