قد عِيل صبرِي من مُفارقتِي له ... لا بالرَّباب ولا بأسْما عِيلاَ
مُنُّوا بإسْماعِي نعم حاشاكمُ ... أن تقطعُوا صِلتِي بإساماعِي لا
ومن انسجاماته اللطيفة قوله:
أتظُنُّها قمراً سَنِيَّا ... باللهِ أم بشراً سَوِيَّا
هزَّتْ معاطِفَ قَدِّها ... عُصْنا ولَدْناً سَمْهَرِيَّا
وطوَى مَدارُ نِطاقِها ... من خَصْرِها سِرّاً خَفِيَّا
نَشْوَى بخمْرِ شبابِها ... ورُضابها لا بالحُمَيَّا
تخْتال في حُلَلِ الدَّلا ... لِ تمَلُّقاً وتِتيه غِيَّا
وتخالُها وُرْقَ الحَما ... مِ إذا انْثنتْ غُصْناً نَدِيَّا
وتظُنُّ وَسْواسَ الحُلِيِّ ... عليه تَغْريداً شَجِيَّا
عجباً لوَرْقاءِ الغُصو ... نِ لقد أتتْ شيئاً فَرِيَّا
لا الغصنُ يعرِف عِططفُه ... حُلَلاً ولا ألِف الخَلِيَّا
كلاَّ ولا ناط الجما ... لُ عليه عِقْداً عَسْجَدِيَّا
ولئِن تبسَّم ثغرُه ... ما كان كأساً لُؤْلُؤِيَّا
هبْ أنَّ فيه مَلْمَساً ... رَطْباً ونَشْراً عَنْبرِيَّا
ولربَّما أبْدَى الحَيا ... بخُدودِه ورداً جَنِيَّا
أيكون ذاك مُشبِّهاً ... ورداً يكون له سَمِيّا
يوسف بن علي الهادي نكتة عطارد وتحفة الفلك، قالت محاسنه اليوسفية ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك.
تناول راية البيان باليمان، فظهر فضله فيه ظهور الإيمان.
وقد أوتي من الفصاحة ما لو سمعه سحبان لاستحيى ولم يتفوه، ومن البلاغة ما أعجز من نظرائه المرموقين كل مفوه.
يجري الأدب في أزمته، فيأخذ منه الأمل برمته.
إلى عجائب لطائفٍ أخذت بكل معنى، وتعطر بمشام ذكرها كل مغنى.
وشعره مثل طبعه مصقول، ودهره راوية ما يقول.
وقد أثبت من نثره ما هو أفوح من الزهرة تفتحت عنها الكمامة، ومن نظمه ماهو أبهج منظراً من صدر البازي وطوق الحمامة.
قال: ولما طلع بدر عود شرف الإسلام الحسين بن وجيه الدين من المشرق كاملاً، ونهض منه إلى حضرة الإمام قافلاً.
بعد أن فقر عليهم عدوان العدو أمما، وكاد لا يبسم لهم ذلك الغثر عن شنب الفتح فما.
ففتقت لهم ريح الجلاد بعنبر النصر، واجتنوا زهرات الظفر بأنامل النجح الذي تند أوصافه عن الحصر.
وكان وصوله إلى حضرة الإمام مقارناً لقدوم العيد، فكأنما كان هلاله صلت وجهه السعيد.
فأورده الإمام ورد إكرامه الصاف، وأنزله ظل تبجيله وتعظيمه الضاف.
وملأ بالثناء عليه أسماع الملا، وأجابه إلى الدعاء له بنجح الأرب ولم يتلق حسيناً بكربلا.
كتبت إليه أهنيه بالفتح والعود والعيد، برسالةٍ وقصيدة لم ينسج على منوالهما البديع البعيد.
وهما: يقبل الأرض التي أضحت مواطن التهاني ومواطئها، وصارت منازل الأماني المقرونة بالنجاح ومنازهها.
وتطولت على ذوي التقصير ببرها المحمود في يوم العرض، وصيرت فضلها أبياً لمفارقة ذي الفضل فلو قيل له: اذهب عنا قال: لن أبرح الأرض.
وأنشأت سحب جودها فرأينا الندى منها على الأوراق، وفتحت أكمام معارفها عن زهرات فوائدها فتمشينا فيها بالأحداق.
وأطلقت للعفاة منحاً، وللعداة محنا.
فغدت مشكورة في الأمرين على الإطلاق، وطوقت أجياد الأنام بالندى الذي يجيب قبل سماع الندا فانقادت إليها بالأطواق.
وأشرقت الجو بنقع غبارها وأشرقت بنور البصر المبين فأضحت مشهورة في الحالين بالإشراق، وقادت ذوي الفضائل إليها بسلاسل الأشواق، لما نصبت لهم من تخيل محاسنها حبائل، فعلموا يقيناً أنهم لمن أمةٍ تقاد إلى الجنة بالسلاسل.
وجعلت حماها مرابع النعم، لا مراتع النعم.
وأوردت الصادي ماء عين كرمها الذي يشتاق إليه الرائي، فعين الله تعالى على ذلك الكرم.
ونهت عن إعلاء قباب برها، وإغلاق باب عفوها.
وذلك شأن من هو بالمعروف معروف، ورحبت لما ضاق صدر الفضاء بعفاتها فهم فيه كالبنيان المرصوص والعقد المرصوف.