للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمضت أمرها المستقبل وأرادت السيوف أن تحاكيه مضاءً فجاوز حدها، وأشرقت الأحرار بالإحسان فما منهم إلا من يقول لمن يدعيه بالحرية: لا تدعني إلا بيا عبدها.

فأبقى الله حماها الذي ما من خائفٍ إلا هو له مأمن، وروض جنابها الذي عنعن عنه العنبري أحاديث ذكاء ضنت بصحتها عن أن.

وصفا باطنها بأنهارها، وحلى ظاهرها بأزهارها.

وملأ صحون ديارها المسكية الروائح من قطر الغوادي، ونسج لها من بيض خيوله حلةً خضراء يقول كل ناظرٍ إليها كأنما نسجت على مرادي:

فإنها أرضٌ لمن لم يجِدْ ... لعَيْبِه عن مَنْهجٍ منهَجَا

نَدْبٌ يُعيدُ الفرضَ أن لا يرى ... باباً له عن مُرْتجٍ مُرْتجَا

وسيد أقامته المعالي والعوالي فلم يختلف في فضله اثنان، وهمامٌ أضحى المشتري لرتبةٍ رجحت من قبل أن يرصد الميزان.

ومولىً صار نصيراً للخلافة فنعم المولى ونعم النصير، وصاحب أقلامٍ حطم عوالي الأعداء بترسل قصيرها قبل أن تقول بيدي لا بيديك يا قصير.

وملكٌ إذا صلت صوارمه لم يبق للعدى غير التسليم، أو أراد تكليم المعاندين بألسنة أسنةٍ أذعنوا له قبل التكليم.

أو عقد ألويته حل بالمخالف الوبال والتلف، أو وجف بخيله وركابه على الأعداء قيل جرى القلم بهلاكهم وجف.

أو وصف لهم عزائمه وترسلاته ظنوا بأنهم عياله ألف صفٍ من عزائمه وصف أو وكف جود كفه أقلع السحاب عن مجاراته وكف.

أو ملأ سمعنا أمالي لا قالي لها فهي المليحة المليحة، أو جادل طعن الخصم بعوالي أحاديثه الصحيحة.

أنَّى تُجارِيه فرسانُ العلومِ ومِن ... غُبارِه في هَوادِيهنَّ ما نقَضُوا

فهو رب السيف والطيلسان، والقلم الذي يزداد إفصاحاً كلما قطع منه اللسان.

واليد التي لا تهرع الناس إليها فيفوزون بالخمسة الأشباح، وتدعو الأنام لها بالبسط فكم ظفروا من أناملها بأيادٍ تجل عن الإيضاح.

وتحتقر الثريا أن تكون لتقبيلها فما، وتعوذ أناملها الخمس بالسبع الطباق فما.

والنسب الذي هو كصدر الرمح إلا أنه لا مطعن فيه لجارح، ولا نقص في كمال بدره لمنتقصٍ ولا عيب في زند شرفه القادح.

نسبٌ تحسَب العُلَى بحُلاهُ ... قلَّدتْها نجومَها الجَوْزاءُ

ولم لا يكون نسبه النسب العزيز، والسلسلة المنوطة بالشهب المصوغة من الإبريز.

وهو من قوم عجنت طينتهم بماء الوحي والنبوة، ونبتت نبعتهم في حديقة الفضل والفتوة.

وترددوا ما بين الخلالة والإمارة اللتين لا يبلى على مر الجديدين شرفهما العظيم، وشهد بفضلهما الحديث النبوي والقرآن الكريم على رأي الأشعرية وما أجل من شهد بفضلهم الحديث والقديم.

أضاءتْ لهم أحسابُهمْ ووجُوهُهمْ ... دُجَى الليلِ حتى نظَّم الجِزْعَ ثاقبُهْ

شقيق روض الفضل والعليا، ولو أنصفته لقلت ريحانته لأنه سمي الحسين أحد ريحانتي الرسول من الدنيا.

شرف الإسلام والمسلمين، الحسين بن عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدين بن أمير المؤمنين.

جمالُ ذا العصر كانوا في الحياةِ وهمْ ... بعد المماتِ جمالُ الكُتْبِ والسِّيَرِ

لا زال آخذاً بآفاق سماء الفضائل والفواضل، فله أقمارها الطوالع ولغيره نجومها الأوافل.

ولا برح سيداً إذا علت رتبةٌ أو جن دهرٌ كان لهما أفضل راق، ونبيلاً للقلوب وفاق، في أنه أفضل من ساد الأنام وفاق.

وإماماً في العلوم تنبذ عند سماع حديثه العقيق، وهماماً نظره في الأمور كالسيف السريجي في الدقة والاستواء وكالسراج في البريق.

منوطاً عمره بيوم التناد، مفسحاً في أيامه حتى لم يدر أهي أحادٌ أم سداس في أحاد.

وبعد بذل أدعيةٍ بلغت إلى الأفق الأعلى ورحبت فوقه مظهرا، ومضى سلاحهن في كل من استقبل الحال بأمرٍ مكروه فأضحى مضمراً انكساره مظهرا.

إذا رُفِعتْ يوماً لذِي العرشِ خَيْمةٌ ... لصِدْقِ وَلائي فيك بين السُّرادِقِ

اعتماداً على ما أخرجه مسلم، من حديث أبي الدرداء عن أم الدرداء: " دعوة الرجل لأخيه بظهر الغيب مستجابةٌ، وملكٌ فوق رأسه يقول: آمين آمين، ولك بمثلٍ ".

وعلى ما ورد في الحديث الصحيح عن ابن عباس سيد الصحابة، في أن دعوة الرجل لأخيه بظهر الغيب أحد الدعوات الخمس المستجابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>