وقام بأمرِ الحقِّ عن أمرِ قائمٍ ... هو العدلُ إن حار اللئيمُ المنافقُ
وأنْفَذَ سُبْلاً للمساكينِ لم يزلْ ... بها مارِدٌ طاغٍ وما زال مارِقُ
وجاء معي وجهٌ من الحقِّ أبْلَجٌ ... أضاءَ به الإسلامُ فالغمُّ زاهِقُ
ولكنني أدْعوه دعوةَ وامقٍ ... ونَفْثةَ مَصْدورٍ به الصدرُ ضائِقُ
ذَوِي البَغْيِ في الأصْفاد حرب وآخر ... له شُبُهاتٌ وهْو واللهِ سارقُ
لعلَّ أميرَ المؤمنين يُحقق الّ ... ذي قلتُ أو يدْرِي لما أنا راشِقُ
ومَن يعلم التَّمْليح غير خليفةٍ ... ولولاه ما في الخلقِ أرْوعُ حاذِقُ
وكيف يصِحُّ الجسمُ والرأسُ مُوجَعٌ ... وكيف يُنِير العدلُ والجَوْر آنقُ
إليك على بُعْدِ الديارِ نصيحةً ... لها الوُدُّ والإخلاصُ داعٍ وسابِقُ
فإن نطقتْ عنِّي بحقٍ فأهلُه ... وإن كذبتْ فالمجدُ عنديَ طالقُ
ويا أيها القاضِي الهِزَبْرُ وخيرَ مَن ... يُنادَى إذا ما الظلمُ للرِّفْقِ ماحِقُ
سلامٌ عليكم بعد جَدِّي وآلهِ ... سلامَ امْرِىءٍ إن رُمْتَه لا يُنافِقُ
تحية ذِي قلبٍ تحرَّق بالجوَى ... ولِمْ لا وقد قَلَّ الوَلِيُّ المُصادِقُ
ولولاك في هذِي الرُّبَى للفيتها ... وأوحيتها ما لاح في الجوِّ بارِقُ
وإخوتُك الصِّيدُ الكرامُ عليهمُ ... تحيةُ صَبٍ بالمَودَّةِ واثِقُ
يقول إذا ما ضَمَّ شَمْلِي بشَمْلِكم ... فَرِيقا هوىً منا مَشُوقٌ وشائِقُ
السيد محمد بن صلاح بن الهادي من سراة اليمن وأشرافه، يقطر ماء النباهة من أطرافه.
له السبق في الجهاد، ونظم أعمال الجبال والوهاد وقد ولي الأعمال بأبي عريش وجازان، فزاد شرفهما بقدره وزان.
وله في الأئمة بني القاسم مدائح قالها تحبباً لا تكسبا، وعمر بها مجالسهم تقرباً لا تحسبا.
فحظي عندهم بأكرامٍ وإعزاز، ووضع ثوب نفاسته في يدي بزاز.
وهو في الشعر ممن نشر وشياً محوكا، ونظم دراً محبوكا، ومنح ذهباً مسبوكا.
وقد أثبت من عيون أشعارهذه العينية، وهي كما ترى روضةٌ تهدلت أغصانها بالثمار الجنية.
وقد كتب بها إلى الناصر المهلا، ولم يبلغني منها إلا المقدار الذي كتبته:
لستُ أنْسَى رقَّةَ العيشِ الذي ... زاد في الرِّقَّةِ حتى انْقطَعَا
في رُبَى الشَّجْعَة كُنَّا جِيرةً ... وأخلاَّئي وأخْدانِي مَعَا
جنةٌ عندي رُباهَا زُخْرِفتْ ... سِيَّما والكَرْمُ فيها أيْنَعَا
وسقى اللهُ لُيَيْلاتِ الحِمَى ... وكلاه وحَماه ورَعا
وصديقاً زارني من بعدِ ما ... بجَلابيبِ الظلامِ ادَّرَعَا
قطعَ البَيْداءَ نحوِي مُسرِعاً ... والفَيافِي والمَوامِي قطَعَا
زار كالطَّيْف اخْتلاساً ومضَى ... ثم ما سلَّم حتى ودَّعَا
أوْدَع القلبَ أسىً إذْ ودَّعا ... فجميلُ الصبرِ منِّي امْتنَعَا
وسعَى الحادِي به مستخْفِراً ... ليته يا قلبُ ما كان سعَى
إن يكنْ لَذَّ لسَمْعِي خبرٌ ... بعد أن فارقْتكُم لا سمِعَا
أو ظننْتُم أن جَفْنِي هاجِعٌ ... فلَعَمْرِي بعدكم ما هجَعَا
عِيلَ صَبْرِي إذْ رحلْتُم جَزَعاً ... وفؤادِي ذاب فيكم وَلَعَا
كان ينْهانِي الحيَا أن أشْتكِي ... فغرامِي لحيائِي منَعَا
فاقْصِدا الناصرَ فضلاً إنه ... خيرُ بحرٍ للمَعاني جُمِعَا
واسْألا لِي مَن نَداه دَعْوةً ... فهْو بَرٌّ ومُجابٌ إن دَعَا
السيد يحيى بن أحمد بن صلاح بن الهادي الوشلي