وإذا ما النسيمُ دبَّ على الما ... ءِ تَعاطاه جوهرٌ وقبولُ
حَبَّذا نهرُها الذي المِسْكُ والكا ... فورُ والشُّهدُ فيه والزَّنْجبيلُ
ما نَقِيبٌ ودِجْلةٌ والمُعلَّى ... وفُراتٌ ونِيلُ مصرَ المُنيلُ
في البساتين كالثَّعابين تَنْسا ... بُ رأيتَ الحِبابَ كيف تسيلُ
أو كما هُزَّ للمِصاعِ يَفاعٌ ... صَحْصَحانُ الأطرافِ سيفٌ صَقيلُ
إن تُصلْصل حُماتُه حكم القا ... ضِي فمِن عادة السيوفِ الصَّلِيلُ
كل ما مرَّ فهْو حالٍ ولكنْ ... لا تقُل فيه كلُّ حالٍ يحُولُ
كم خلافٍ عنه له ثمراتٌ ... قد حَواها جميعَها المَحصولُ
القاضي حسن بن العفيف الحضرمي شاعر تلك الخطة، وأديبها الذي أقدار أدبائها عنه منحطة.
له شهرةٌ في تأليف الدراري بأسلاكها، كشهرة الكواكب طالعةً في أفلاكها.
وقد رأيت له قصيدة فتعلقت بها وتمسكت، وتأرجت بروائحها العبقة وتمسكت.
وها هي كالغانية، ضمخت بالغالية.
فخذها مباركاً لك فيها، ومتع الفكر في ظاهرها وخافيها.
وكان مدح بها المتوكل إسماعيل، وأولها:
هو الرَّبْعُ سَلْه أو فقِفْ لي أسائِلُهْ ... أنُزَّالُه نُزَّالُه أم نَزائلُهْ
فإنَّ هُدُوَّ القلبِ يُؤْذِن أنَّما ... به غيرُهم والدمعُ أشْكل سائلُهْ
أرى القلبَ أهْدَى لي الصوابَ وربَّما ... غدا وهْو ذُو علم بما الطَّرْفُ جاهلُهْ
فيا رَبْعُ نَبِّئْنَا أنُزَّالُك الأُلَى ... عَهِدنا فإنَّ الحقَّ ما أنتَ قائلُهْ
فقال أجَلْ مَن قد عَهِدنا وذا الحِمَى الْ ... مسَمَّى وذاك المنْحَنَى وخَمائلُهْ
وتلك لُبَينَى حيث تُقضى لُبانةُ الْ ... مُحِبِّ وحال الصَّبِّ تهْدا بَلابِلُهْ
فقلتُ سُقِيتَ الغَيْثَ لم أجهلِ الذي ... علمتَ ولكنْ لاق عندي تجاهُلُهْ
وليلٍ كتَأْميلِ المَشيبِ أرِقْتُه ... لهم ثم ليلُ الهَمِّ سار يُطاوِلُهْ
كأنَّ به جَفْني لجَفْنِيَ عاشِقٌ ... وطَرْفِي رَقيبٌ حارسٌ لا يُواصِلُهْ
إذا ما سَها وَقْتاً كَلاَ وكذا وَشَى ... من الدَّمْعِ نَمَّامٌ على السهوِ عادِلُهْ
لِيَ اللهُ من ثاوٍ بجِسمٍ وطَيُّه ... طعِينُ فؤادٍ راحلُ الفكرِ قافِلهْ
أُفكِّر أيَّ البِيد بالقُودِ أرْتَمِي ... إلى منزلٍ بالغُبْرِ طابتْ منازلُهْ
وأيَّ خِضَمٍ بالسَّفِين أخوضُه ... إلى مثلهِ جُوداً تطامَتْ جداولُهْ
وعاذلةٍ بين الجوانِح راعَها ... مُحاولُ حالٍ في عَنا مَن يُحاوِلُهْ
تقول على مَ ذا التَّرامِي على النَّوَى ... ومُرِّ النوَى والرزقُ فاللهُ كافِلُهْ
أقولُ لها قولَ امْرِىءٍ لم يَطِبْ له ... على دَعَةٍ من طَيَّبِ العيشِ خامِلُهْ
ذَرِيني على أخلاقيَ الصمد التي ... هي الوَفْرُ أو شَرْبٌ تَرِنُّ ثَواكِلُهْ
فلم أرَ عُذْراً للكريمِ بدون ما ... ينالُ الفتى أو بازْدِيادٍ يُزاوِلُهْ
سأسْرِي كما يسْرِي الهلالُ بأُفْقهِ ... هو الحَظُّ إما مَحْقُه أو تكامُلُهْ
وحقَّقَ نَيْلِي للمُنَى ووَسيلتي ... دعاءُ أميرِ المؤمنين ونائلُهْ
فلا فضل إلا دون فضلِ ابن قاسمٍ ... ولا بَذْلَ إلاَّ دون ما هو باذلُهْ
إذا قيل إسماعيلُ أبلغ جُنْدُه الْ ... هدى عُدَّةً والوصلُ طالتْ أناملُهْ
إمامٌ وعاءُ الدهرِ يطْفحُ مُتْرَعاً ... به وكذا طابتْ قديماً أوائلُهْ