فضائلُه ضاق الزمانُ بكُنْهِها ... وفاضتْ على طُرْقِ الزمانِ فواضلُهْ
إذا ما دعانا الخَطْبُ لُذْنَا بيُمْنِه ... فتُجْلَى به في الحال عنَّا جلائلُهْ
وإن جال فرسانُ العلومِ فإنه ... يُحاذِرُ منه فارسَ القوم راجلُهْ
فعمَّا تسائلُه فإنك سائلٌ ... لحَيْدَرة في علمِه إذْ تُسائلٌهْ
تأمَّلْ إذا أمْلَى دقائقَ فِكْرِه ... وما ضُمِّنْته كُتْبه ورسائلُهْ
فمسألةٌ كالشمسِ يزْهو ضَوْءُها ... كبدرٍ وكالزُّهْرِ النجومِ دَلائلُهْ
أقول مَقالاً قيل قثبلي وإنَّما ... إلى خيرِها من شرِّها أنا ناقِلُهْ
جَوادٌ يُنِيلُ الحمدَ جَذْلانَ باسماً ... ويزْدادُ بشراً كلَّما ازْداد آمِلُهْ
علامةُ جودِ المرءِ بالطَّبْعِ بِشْرُهُ ... كجودِ الحَيا لَمْعُ البروقِ مَخائلُهْ
أجلْتُ افْتكارِي في الكرامِ فما بهم ... سِواه كريمٌ كاملُ الجودِ شاملُهْ
وكاملُ جودٍ جودُه غيرُ شاملٍ ... وشاملُه لكنّ ما هو شاملُهْ
فلَّله بَرٌّ بَسْطةُ البحرِ كفُّه ... سَماحاً وبحرٌ ساحةُ البِرِّ ساحِلُهْ
بلغْتَ بأُفْقِ الجودِ أفضلَ رُتْبةٍ ... فقِف ثم لا أعْلَى لما أنتَ طائلُهْ
كأنك في الدنيا بجِسْمِك كائنٌ ... وبالزُّهْد فينا بائنُ القلبِ آفلُهْ
تأملَّتَ إنِّي تارِكٌ فيكمُ وما ... يُضاهِيه عن خير الورَى ويُشاكِلُهْ
فأنتَ به المقصودُ في العصر والذي ... يحُثُّ عليه في اتِّباعك حاصلُهْ
كَلاكَ ووَالاك امْرُؤٌ فاز ناجِياً ... وعنك تولى مَن أُتِيحتْ مَقاتلُهْ
وخُذْ شُكْرَ إحسانٍ تُوالِيه دائماً ... عليَّ ومَن لي أنَّ شُكْرِي مُقابِلُهْ
فكم كُربةٍ فرَّجتَ عني وشِدَّةٍ ... كشفْتَ وحالِي ماحِلُ الحالِ حائلُهْ
وقمتَ بنصْرِي والزمانُ مُحاربِي ... وأهْوِنْ به خَصْماً إذا أنت خاذِلُهْ
أذُمُّ كشُكْرِيك الزمانَ وأهْلَه ... فساء وساءُوا فالقليلُ أَماثِلُهْ
أسافِلُه فيه الأَعالي وشَرُّ ما ... لَقِيتَ زماناً والأعالِي أسافلُهْ
إذا شئتُ رَفْعِي شاء خَفْضِي فدائماً ... يُماطِلني عمَّا أشَا وأُماطِلُهْ
فيا ليت شِعْري والعجائبُ جَمَّةٌ ... لأَيَّةِ معنىً غاض في الدهرِ فاضلُهْ
دَعِيّ كدُبٍ خُصَّ بالخَفْضِ عَيْشُه ... ونَدْب أدِيب أبْرَضَتْه مَآكلُهْ
لَحَى اللهُ دهراً باقِلٌ فيه قُسُّهُ ... وقُبْحاً له إذ قُسُّه فيه باقِلُهْ
وما قلتُ هذا جازِعاً من صُروفِه ... ولكنْ ليدْري منه ما هو غافِلُهْ
ويعلم أنِّي بالإمام مُظفَّرٌ ... وإن ظافَرتْه من بَنِيه أراذِلُهْ
تباركْتَ مَوْلىً لم يخبْ منك سائلٌ ... عظيماً ولم تعْظُم عليك مَسائلُهْ
وحَسْبُ امْرِىءٍ وَافاك رأيُك في النَّدى ... وأن صِفاتِ الجُودِ فيك وسَائلُهْ
وصلّى عليك اللهُ بعد نَبِيِّه ... وعِتْرتِه ما المُزْنُ أسْبَل وابِلُهْ
مطهر بن علي الضمدي اسمه مطهر ومسماه طاهر، وفضله وادبه كلاهما زاهٍ وزاهر.
وهو في العلم مشارٌ إليه، وفي حل المشكلات معول عليه.
لم يدع فناً إلا أهداه، ولا معنىً مغلقاً إلا أبداه.
وتفسيره الفرات النمير، في تفسير الكتاب المنير مفخر ذلك القطر إحساناً زائداً، وأجل أثرٍ لم يمنع من تلقي الفوائد النوادر رائداً.