فطَرْفُه في انْسِجامٍ من مَدامِعِه ... وقلبُه فيه للوَجْدِ اسْتِعاراتُ
مُستخْدَماً لك لكنْ ما اكتفيْتَ به ... بئس الجَزَا منك في الشّرْطِ الإساءاتُ
فليت ليِتَكَ يَثْنِي الالْتفاتَ لكيْ ... تسْتدرِكَ الصَّبَّ منك الالْتفاتاتُ
فهْو الذي قد غدَا في حُبِّه مَثَلاً ... وفَوَّفتْ نَظْمَه منك الجِناساتُ
يَطْوِي وينشُر قلبِي من تَثَّنِتِه ... بَرْقٌ له من ثَناياك ابْتساماتُ
ومِن خُفوقِ فؤادي بل ورِقَّتِه ... ونارِه ثَمَّ لِلْبَرْقِ ابْتساماتُ
يا غايةَ السُّؤْلِ شَرْحِي في الغرامِ غَدَا ... مُطَوَّلاً ما له فيه نِهاياتُ
وأنت كَشَّافُ ما أُلْقِي وبَهْجتُه ... فهَلْ لِمصباحِ وَجْدِي منك مِشْكاةُ
حديثُ وَجْدِي قديمٌ والمَعاهِدُ لي ... فيها الشَّواهِدُ تُمْلِي والمَقاماتُ
أنتَ الشِّفاءُ وما بيْن الشِّفاهِ له ... مَناهِلٌ عَذُبتْ فيها الرِّواياتُ
عسَاك تسْمَحُ لي بالوَصْلِ مُنْعطِفاً ... فكم لِعِطْفِك يا غُصْنُ انْعِطافاتُ
بيْني وبينك في التَّشْبيهِ تَسْويةٌ ... لولا اخْتلافٌ به تُفْضِي الصَّباباتُ
وها نُحولِي شَبِيهُ الخَصْرِ منك وعنْ ... سقامِ جَفْنَيْك أخبارِي صَحِيحاتُ
ولُؤْلُؤُ الدمعِ منِّي حين أسْكُبُه ... تَحْكِيه منك الثَّنايا اللُّؤْلُؤِيَّاتُ
ونارُ خَدِّك في قلبي لها لَهَبٌ ... لولا عِذارُك من حَوْلَيْه جَنَّاتُ
من أجلِ طَرْفِك أهْوى كُلَّ مُنْصَلِتٍ ... فكَم له صَوْلَةٌ فينا وفَتْكاتُ
وكم أضَمُّ رِماحَ الخَطِّ حين حَكَتْ ... مَنْصوبَ قَدِّك وهْي السَّمْهَرِيَّاتُ
لِقَتْلِ أهلِ الهوى قد صار مُنْكَسِراً ... يا لَلرِّجالِ لجَفْنٍ فيه كَسْراتُ
نَقِيُّ خَدٍ إذا ما افْتَرَّ ضاحِكُه ... بَدَتْ لقلبي من الأفراحِ راياتُ
رُوحِي الفداءُ لبدرٍ إن سَرَى فله ... في الطَّرْفِ والقلبِ أبْراجٌ وهَالاتُ
لكنه إن تثَنَّى ذَابِلٌ وإذا ... رَنَا فظَبْيٌ له في الأُسْدِ سَطْواتُ
لَئِنْ تضِلَّ به ألْبَابُنا فلها ... مَدْحُ الخليفةِ إن ضَلَّتْ هِداياتُ
وأنشدني من أخرى، مطلعها:
لو كان أنْصفَك الهلالُ لأنْصَفا ... لكن تكلَّف حُسْنَه فتكلَّفَا
يا أيُّها الشمسُ التي أنْوارُها ... لولا اكْتسابُ البدرِ منها أُكْسِفَا
كم رام صَبُّك أن يكون بحُبِّه ... بين المَلاَ مُتنكِّراً فتعرَّفَا
صَبٌّ به صَبُّ المَدامعِ لم يزَلْ ... يُبْدِي من الوجدِ المُبرِّحِ ما خَفَى
وأراه بعد اليومِ إن لم يشْتفِي ... بالوصل أو يُشْفَى يكون على شَفَا
لا تسمعِ الشّانِي فشاني أدْمُعِي ... يُنْبيك عن شاني بوَكَّافٍ كَفَى
لشُهودِ دمعي من لِحاظِك جَارِحٌ ... والسّقمُ يُثْبِتُ ما تقول وإن نَفَى
أفْدِيك من مُتنوِّعٍ مُسْتمْنِعٍ ... في كلِّ مُمْتنعِ الغرام تَصَرَّفَا
مِسْكينُ حُبِّك أيُّها الغَانِي غَدَا ... لصِلاتِ وَصْلِك في المَحبَّة مَصْرِفَا
لولا ألِفْتُ لِقاكَ لم أكُ سائلاً ... إن لم يكنْ لك سائلاً فمؤلَّفَا
بقَوامِك الأَلِفيِّ وهْو ألِيَّةٌ ... قد حاز للقَسَمِ الحروفَ وألّفَا
وبواوِ صُدْغِك وهْو لو حَقَّقْتَه ... للعطفِ إلاّ ما وصلتَ تعطُّفَا
كتب الجمالُ على مُحيَّاك الذي ... فَتَنَ العقولَ من المَحاسِنِ أحْرُفَا