للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاذياخ: اسم نيسابور، وقريةٌ بمرو، كذا في القاموس، ووجد على حاشية مكتوبٌ بخط بعض فضلاء الشام على هامش القاموس صورتها: بل اسم مدينةٍ بخراسان، قرب نيسابور وكانت بستاناً لعبد الله بن طاهر بن الحسين، ذكر في تاريخ نيسابور أنه لما نزل عبد الله بها، نزلت عساكره في دور أهلها، فرأى امرأةً حسناء تسقي فرس جندي، فقال: ما شأنك، لست أهلاً لهذا؟! فقالت: هذا فعل عبد الله بن طاهر.

فغضب، ونادى في عسكره: من بات في المدينة حل ماله ودمه.

وسار إلى الشاذياخ، وبنى بها قصراً، وبنى الجند حوله، فعمرت، وكانت من أطيب البلاد تربةً وهواء.

وكتب إلى النظام المذكور، يخاطبه بقوله:

زُرْتُ خِلاّ صَبيِحةً فحبانِي ... بسُؤالٍ أشْفَى وأرْغَم شَانِي

قال لمَّا نظرتُ نُورَ مُحَيَّا ... هُ ونِلْتُ المُنَى وكلَّ الأمانِي

كيف أصْبَحتَ كيف أمْسَيْتَ مِمَّا ... يُنْبِتُ الحُبَّ في قلوب الغَوانِي

فتحرَّجْتُ أنْ أفُوه بما قد ... كان مِنِّي طَبْعاً مدَى الأزْمانِ

يا أخا المَجْدِ والمَكارم والفَضْ ... لِ ومَن لا أرى له اليومَ ثَانِي

أدْرِك أدْرِك مُتَيَّماً في هواكُمْ ... قبلَ تَسْطُو به يَدُ الحِدْثانِ

وابْقَ واسْلَمْ مُمَتَّعاً في سُرورٍ ... ما تغنَّتْ وُرْقٌ على غُصْنِ بَانِ

فراجعه بقوله:

ليت شِعْرِي متى يكون التَّدانِي ... لبلادٍ بها الحِسانُ الغوانِي

وبها الكَرْمُ مُثْمِرٌ والأَقاحِي ... ضحِكتْ عن ثُغورِ زَهْرٍ لِجَانِ

والبساتينُ فائحاتٌ بِعِطْرٍ ... يُخْجِلُ العَنْبَرَ الذَّكِيَّ اليَمانِي

وطيورٌ بها تَجَاوَبْنَ صُبْحاً ... وعَشِيّاً كنَغْمةِ العِيدانِ

وبألْحانِها تُذِيبُ ذَوِي اللُّبِّ ... وتُحْيي مَيْتاً من الهِجْرانِ

وتَمشَّى بها الظِّباءُ الْحَوالِي ... مائساتٍ كناعمِ الأغْصانِ

كلُّ خَوْدٍ تسْطُو بلَحْظِ حُسامٍ ... وتَثَنٍ كما القنا المُرَّانِ

وَجُهها الصبحُ لكنِ الفَرْعُ منها ... ليلُ صَبٍ من لَوْعةِ الحبِّ فانِ

غادةٌ كالنُّجُومِ عِقْدُ طلاها ... ما الَّلآلِي وما حُلَى العِقْيانِ

إنَّ ياقوتَ خَدِّها أرْخَص الْيا ... قوتَ سِعْراً وعاب بالمَرْجانِ

كلُّ يوم يُقْضَى بقُرْبٍ لَديْها ... فهْو يومُ النَّوْروزِ والمِهْرجانِ

منها:

تلك مَن فاقتِ الظِّباءَ افْتناناً ... فلذا وَصْفُها أتى بافْتِنانِ

ما لِمُضْنىً أُصِيب من أسْهُم اللَّ ... حظِ نجاةٌ من طارقِ الحِدْثانِ

أذْكرتْني أيامَ تلك وأغْرَتْ ... أعْيُنِي بالبكاءِ والهَمَلاَنِ

نَفَثاتٌ كالسِّحْر يَصْدَعْنَ في قَلْ ... ب مُعَنّىً من المَلامةِ عَانِ

ومنها:

كلماتٌ لكنَّها كالدَّرارِي ... وسطورٌ حَوَتْ بديع المَعانِي

إذْ أتتْ من أخٍ شقيقِ المَعالي ... فائقِ الأصْلِ غُرَّةٍ في الزَّمانِ

ضَافِيَ الوُدِّ صافِيَ القلبِ قَرْمٌ ... كعبةٌ قد عَلا على كِيوانِ

ذاكراً لِيَ فيها تزايدَ شَوْقٍ ... ووُلوعاً بها مدَى الأزْمانِ

ففهِمْتُ الذي نَحاهُ ولكنْ ... ليت شِعْرِي يَدْرِي بما قد دَهاني

أنا قيسٌ في الحُبِّ بل هُو دونِي ... لا جميلٌ حالي ولا كابْنِ هانِي

يا أخا العَزْمِ قد سَلِمْتَ ووَجْدِي ... طافحٌ زائدٌ بغيرِ تَوانِ

فلِحَتْفِي أبصرتُ مَن قد رَماني ... وعَناءٌ تَصَيُّدُ الغِزْلانِ

إن تشأْ شَرْح حالِ صَبٍ كئيبٍ ... فلقد قاله بديعُ المَعانِي

مَرَضِي من مَريضةِ الأجْفانِ ... عَلِّلاني بوَصْلِها عَلِّلانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>