للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغْشَوْن أبْطال الخَمِيسِ بَواسِماً ... كالليثِ إن يَلْقَ الفَرِيسةَ يَكْشِرِ

وتَخالُهم فوق الجِياد لَوابِساً ... سَدّاً يمُوجُ من الحديدِ الأخْضرِ

فإذا همُ ازْدحمُوا بجِزْعٍ وانْثَنَوْا ... أوْرَى زِنادُ دُروعِهم ناراً تُرِي

جيشٌ طَلائعُه الأوابِدُ إن تُصِخْ ... لوَجِيبِه من قِيدِ شَهْرٍ تنْفِرِ

يقْتادُهُ الملك المُشِيحُ كأنه ... بين العَوالي ضَيْغَمٌ في مَزأَرِ

مَلِكٌ تَدرَّع بالبَسالةِ فاغْتنَى ... يومَ الوغَى عن سابِغٍ وسَنَوَّرِ

مَلِكٌ تتوَّج بالمَهابةِ فاكْتفَى ... عند الطِّعان لِقرْنِه عن مِغْفَرِ

مَلِكٌ تُذكَرنا مَواقِعُ حَدِّه ... في الْهامِ وَقْعةَ جَدِّه في خَيْبَرِ

مَلِكٌ إذا ما جال يومَ كَريهةٍ ... لم تَلْقَ غيرَ مجدَّلٍ ومُعَفَّرِ

مَلِكٌ يُجهِّز من جَحافلِ رَأْيِه ... قبلَ الوَقيعةِ جَحفَلاً لم يُنظَرِ

مَلِكٌ تسنّمَ ذِرْوةَ المجدِ التي ... مِن دونها المَرِّيخُ بل والمشْترِي

الأشْرفُ الشَّهمُ الذي خضَعتْ له ... شُمُّ الأُنوفِ وكلُّ جَحْجاحٍ سَرِي

الأفضلُ السَّنَدُ الذي أوْصافُه ... أنْسَتْ سُمَا الوَضَّاحِ وابنِ المُنْذِرِ

الأكْرمُ المِفْضالُ مَن إحسانُه ... أرْبَى على كسرَى الملوكِ وقَيْصَرِ

ذُو الهِمَّةِ العَلْيا الذي قد نال ما ... عنه تُقصِّر هِمَّةُ الإسكَنْدَرِ

شَرَفاً تقاعَستِ الكواكبُ دونَه ... لو لم تُمَدَّ بنُورِه لم تُزْهِرِ

هَبْها بمنطقةِ البُروجِ مَقَرُّها ... أمُناهِزٌ هذا بُنُوَّةَ حَيْدَرِ

كَلاَّ فكيف بمَن حَواها جامِعاً ... نَسَباً سَمَا بأُبُوَّةِ المُدَّثِّرِ

أعْظِمْ بها من نِسْبةٍ نَبَويَّةٍ ... عَلَويَّةٍ تُنْمَى لأصلٍ أطْهَرِ

قد شُرِّفْت بَدْءًا بأشْرفِ مُرْسَلٍ ... ونِهايةً بالسيِّدِ الحسَن السَّرِي

فَخْرُ الخلائقِ دُرَّةُ التَّاجِ الذي ... بِسواه هامُ ذوِي العُلَى لم يَفْخَرِ

لم تَلْقَه يَوْمَيْ وَغىً وعَطاً سِوَى ... طَلْقِ المُحَيَّا في حُلَى المُسْتَبْشِرِ

يعْفُو عن الذَّنْبِ العظيمِ مُجازياً ... جَازِيه بالحُسْنَى كأن لم يُوزَرِ

يا سيِّد الساداتِ دُونَك مِدْحَةً ... نفَحت بعَرْفٍ من ثَناك مُعَطَّرِ

قد فُصِّلتْ بلآلىءِ المَدْحِ التي ... يقفُ ابنُ أوْسٍ دُونها والبُحْتُرِي

وَافتَكْ تَرْفُل في بُرودِ بلاغةٍ ... وبراعةٍ ببُرودِ صَنْعا تَزْدرِي

صاغتْ حُلاها فكرةٌ قد صانَها ... شَمَمُ الإباءِ عن امْتداحِ مُقصِّرِ

ما شَأْنُها كَسْب القَرِيضِ تكسُّباً ... لولا مَقامُك ذُو العُلَى لم تَشْعُرِ

فورَدتُ مَنْهَلَها الرَّوِيَّ فلم أجِدْ ... أحَداً فنِلْتُ صَفاهُ غيرَ مُكدَّرِ

فنَهلْتُ منه وعَلَّني بنَمِيرِه ... وطَفِقْتُ وَارِدَه ولمَّا أصْدُرِ

خُذْهَا عَقِيلةَ كِسْرِ جَيْشِ فَصَاحةٍ ... سَفَرتْ نِقاباً عن مُحَيّاً مُسْفِرِ

جمعتْ بَلاغةَ مَنطقِ الأعْرابِ مَعْ ... حُسْنِ البيانِ ورقَّةِ المُسْتَحْضِرِ

لو سامَها قُسٌّ لمَا سُمِعتْ له ... بعُكاظَ يوماً خُطْبَةٌ في مِنْبَرِ

شرُفتْ على مَن عارَضتْه بمَدْحِ من ... أضْحَى القَرِيضُ به كعِقْدٍ جوهرِي

فاسْتَجلِها وَافتْ تُهنِّي بالذي ... نفَحتْ بَشائرهُ بمِسْكٍ أَذْفَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>