للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصرٌ تهُزُّ بُنودَه رِيحُ الصَّبا ... خفَقتْ على هامِ الأشَمِّ الْحَزْمَرِ

هو نَجْلُك الْمنصور دامَ مُؤيَّداً ... بك أيْنما يُلْقِ العزيمةَ يظْفَرِ

لا زلتُما في ظلِّ مُلْكٍ بَاذِخٍ ... وجنودُ مُلْككمُ ملوكَ الأعْصُرِ

مُسْتمْسِكين بهَدْي جَدِّكم الذي ... بالرُّعْبِ يُنْصَر من مسافةِ أشْهُرِ

أهْدَى الإلهُ صَلاتهُ وسلامه ... لجَنابِه في طَيِّ نَشْرِ العَبْهَرِ

أخوه القاضي أحمد شهاب الدين الشهاب الساطع، والحسام القاطع.

له المجد المضاعف، والأمل المساعف.

والتباهي في التهذيب والتحليم، والتناهي في التجريب والتحكيم.

وكان في أيام صدارة أخيه عضده الذي أزره به اشتد، ومضاهيه الذي تهيأ به لقيام تلك الحرمة واعتد.

وولي حكم القضاء بالحرم فأضاءت العقد درةٌ وكانت واسطة، وامتدت يد من القوة وكانت بها باسطة.

ولما قبض ابن عبد المطلب على أخيه، أردفه معه على ذلك الأدهم، حتى جرع أخاه تلك الكأس فألهمه الله في إفراجه ما ألهم.

فنحي بعد ظنه أنه لم يكن ناحياً وسومح بالجناية التي اجترمت عليه وما أحسبه عد جابيا.

فمتع الله به سائر أودائه، ونولهم بقاه إرغاماً لأعدائه.

ثم انقضت دولة ابن عبد المطلب فانهش له الدهر وأراه وجهاً بسيطاً، وساعفه بعيد ذلك التواني فحباه عطفاً نشيطاً.

وراش حاله، وأعاد منه ما غيره وأحاله فما برح في حالٍ حالية، وأيامه من النكد خالية.

إلى أن انمحى رسم عيشه ودثر، وانفصم عقد أيامه المنظوم وانتثر.

واتفق تاريخ وفاته صدر هذا البيت:

مَن شاء بعدَك فَلْيَمُتْ ... فعليك كنتُ أُحاذِرُ

وله شعر كرأد الضحى في التألق، وبهجة الروض الأريض في التأنق.

أثبت منه ما به الكتاب عبق، وخاطر المترنح به علق.

فمنه قوله من دالية مشهورة، مدح بها الشريف مسعود بن إدريس، ومستهلها:

عوُجاَ قليلاً كذا عن أيْمَنِ الوادِي ... واسْتوقِفا العيسَ لا يحْدُو بها الحادِي

وعَرِّجا بي على رَبْعٍ صحِبتُ به ... شَرْخَ الشَّبِيبةِ في أكْنافِ أجْيادِ

واسْتعْطِفا جِيرةً بالشِّعبِ قد نزلُوا ... أعْلَى الكَثِيب فهمُ عزيِّى وإرْشادِي

وسائِلاَ عن فؤادِي تبْلُغا أمَلِي ... إن التَّعلُّل يشْفِ غُلَّةَ الصَّادِي

واسْتشفِعا تُشْفَعا نَسألْكُمُ فعسَى ... يُقدِّر اللهُ إسْعافِي وإسْعادِي

وأحْمِلاني وحُطَّا عن قَلُوصِكما ... في سُوحِ مُرْدِي الأعادِي الضَّيْغَمِ العادِي

مسعودُ عينُ العُلَى المسعودُ طالِعُهُ ... قلبُ الكتيبةِ صدرُ الْحَفْلِ والنَّادِي

رأسُ الملوك يَمين المُلكِ ساعدُه ... زَنْدُ المعالي جَبِينُ الجَحْفلِ البادِي

شهمُ السُّراةِ الأُلَى سارتْ عَوارِفُهمْ ... شرقاً وغرباً بأغْوارٍ وأنْجادِ

نَرِدْ غِمارَ العُلَى في سُوحِه ونُرِحْ ... أيْدِي الرَّكائِب من وَخْدٍ وإِسْآدِ

فلا مُناخَ لنا في غيرِ ساحتِه ... وجودُ كفَّيْه فيها رائحٌ غادِي

يَعْشَوْشِب العِزُّ في أكْنافِ عَقْوتِه ... يا حَبَّذا الشِّعبُ في الدنيا لِمُرْتادِ

ونجْتني ثَمرَ الآمالِ يانعةً ... من رَوْضِ مَعْروفِهِ من قبل مِيعادِ

فأيُّ سُوحٍ يُرَى من بعد ساحتِه ... وأي قصدٍ لمقصودٍ وقُصَّادِ

لِيَهْنِ ذا المُلكَ أن أُلْبِسْتَ حُلَّتَه ... تُحْيي مآثرَ آباءٍ وأجْدادِ

لبسْتَها فكسَوْتَ الفخرَ مُرْسِلَها ... مُشهَّراً يبْهَرَ المصبوغَ بالجادِي

عَلَوْتَ بيتاً ففاخرْتَ النُّجومَ عُلاً ... والشُّهْبَ فَخْراً بأسبابٍ وأوْتادِ

ولُحْتَ بَدْراً بأُفْقِ المُلك تحسِده ... شمسُ النهارِ وهذا حَرُّها بادِي

<<  <  ج: ص:  >  >>