للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحب الترجمة مدح بقصيدته الشريف مسعوداً أيضاً، ومطلعها:

غُذِيتُ دَرَّ الصِّبا مِن قبلِ ميلادِي ... فلِمْ تَرُمْ يا عَذُولِي فيه إرْشادِي

غَيُّ التَّصابِي رَشادٌ والعَذابُ به ... عَذْبٌ لداءٍ كبَرْدِ الماءِ للصَّادِي

وعاذِلُ الصَّبِّ في شَرْعِ الهَوى حَرِجٌ ... يرومُ تبْديلَ إصلاحٍ بإفْسادِ

ليت العَذُولَ حوَى قلبي فيعذِرُني ... أوليت قلبَ عَذُولِي بين أكْبادي

لو شام بَرْقَ الثَّنايا والتَّثَنِّيَ مِن ... تلك العُقودِ انْثَنى عِطفاً لإسْعادِي

ولو درَى هادِيَ الجَيْداء كان دَرَى ... أن اشْتياقَ الهُدَى من ذلك الهادِي

كم بات عِقْداً عليه ساعِدِي ويَدِي ... نطاقُ مُجتمَعِ المَخْفِيِّ والْبادِي

إذْ أعْيُنُ العِينِ لا تنْفكُّ ظامِئةً ... لوِرْدِ ماءِ شَبابي دون أنْدادِي

فيا زمانَ الصِّبا حُيِّيتَ من زمنٍ ... أوْقاتُه لم نُرَعْ فيها بأنْكادِ

ويا أحِبَّتَنا رَوَّى مَعاهِدَكم ... من العِهادِ هَتُونٌ رائحٌ غادِ

مَعاهداً كُنَّ مُصْطافِي ومُرْتَبَعِي ... وكم بها طال بل كم طاب تَرْدادِي

يا راحِلين وقلبي إثْرُ ظُعْنِهِمُ ... ونازِحين وهم ذِكْرِي وأوْرادِي

إن تطلبُوا شرحَ ما أيْدِي النَّوَى صنَعتْ ... بمُغْرَمٍ حِلْفِ إيحاشٍ وإيحادِ

فقابلُوا الرِّيحَ إن هبَّتْ شَآميةً ... تَرْوِي حَدِيثي لكم مَوْصولَ إسْنادِ

وَالَهْفَ نفسِي على مَغْنىً به سَلفتْ ... ساعاتُ أُنْسٍ لنا كانتْ كأعيادِ

كأنها وأدام اللهُ مُشْبِهَها ... أيامُ دولةِ صدرِ الدَّسْتِ والنَّادِي

ذو الجود مسعودٌ المسعودُ طالِعُه ... لا زال في بُرْجِ إُقْبالٍ وإسْعادِ

عادتْ بدولتِه الأيامُ مُشرِقةً ... تهزُّ مُختالةً أعْطافَ مَيَّادِ

وقلّد المُلْكَ لمَّا أن تقلّده ... فخراً على مَرِّ أزْمانٍ وآبادِ

وقام باللهِ في تدْبيرِه فغَدَا ... مُوَفَّقاً حالَ إصْدارٍ وإِيرادِ

حَقٌّ لك الحمدُ بعد اللهِ مُفْتَرَضٌ ... في كلِّ آوِنةٍ من كلِّ حَمَّادِ

أنْقذتَهم من يدِ الأعداءِ مُتَّخِذاً ... عند الإلهِ يداً فيهم بإنْجادِ

دارَكْتَهم سُهَّداً رَمْقَي فعادَلهم ... غَمْضٌ لِجَفْنٍ وأرواحٌ لأجسادِ

بُشْراك يا دهرُ حازَ المُلْكَ كافلُه ... بُشْراكَ يا دهرُ أخْرَى بِشْرُها بادِ

عادت نجومُ بني الزَّهْراء لا أفلَتْ ... بعَوْدةِ الدولةِ الزَّهْرَا لمُعتادِ

واخْضَلَّ رَوْضُ الأماني حين أصبحتِ الْ ... أجْوادُ عِقْداً على أجْياد أجْيادِ

وأصبح الدِّينُ والدنيا وأهلُهما ... في حِفْظِ مَلْكٍ لظلِّ العدلِ مَدَّادِ

يُبِيحُ هَامَ الأعادِي مِن صَوارِمِه ... ما اسْتَحْصدَتْ بالتَّعاصِي كلَّ حَصَّادِ

فيهم أيادِي أيادِيهِ ونائلُه ... على الورَى أصْبحتْ أطواقَ أجْيادِ

بَذْلُ الرَّغائبِ لا يعْتدُّهُ كرماً ... ما لم يكنْ غيرَ مَسْبوقٍ بِميعادِ

والعَفْوُ عن قُدْرةٍ أشْهَى لِمُهْجتِه ... صِينَتْ وأشْفَى من اسْتيفاءِ إيعادِ

مَآثِرٌ كالدَّرارِي رِفْعةً وسَناً ... وكَثْرةً فهْي لا تُحْصَى بعَدَّادِ

فأنتَ مِن مَعْشرٍ إن غارةٌ عَرضتْ ... خَفُّوا إليها وفي النادِي كأطْوادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>