وإن دامتِ السُّقْيا له مِن وِصالِكُمْ ... سيُثْمِر في رَوضِ الرَّسولِ لكم وُدَّا
هنيئاً لغَرْسٍ صار أحمدُ ساقياً ... له من عُيونِ الوُدِّ كأسَ الصَّفا وِرْدَا
فظَلَّ يُراعِي عَهْدَه في مَغِيبهِ ... ويبْنِي له في بيتِ مَحْتِدِه عِقْدَا
وذكَّره عَهْداً أَواخِيه أَحْكمتْ ... يَدُ الوُدِّ في أرْواحِنا العَقْدَ والشَّدَّا
فعُذْراً لأنِّي قادمٌ وتَراهُمُ ... يقُولون في الأمْثالِ والحقُّ لا يُعْدَى
لِكلِّ غَرِيبٍ قادِمٍ دَهْشَةُ اللِّقا ... بها يَدْرَأُ الحُذَّاقُ عن رَبِّها الحَدَّا
وهَبْنا تَجاوَزْنَا الحدودَ ألَسْتُمُ ... تُقِيلون مَن أخْطَا ومَن قد جَنَى عَمْدَا
إذا لم تكونُوا هكذا فتخلّقُوا ... بأخْلاقِ مَوْلىً يملِك الغَيَّ والرُشْدَا
لَعَمْرِيَ لو كنتُ البليغَ خِطابُهُ ... وأخْطَبَ مِن قُسِّ الإِيادِيِّ مَن عُدَّا
ورُمْتُ بأن أُحْصِي فضائل أحْمَدٍ ... لما اسْتوْعبتْ نفسِي فضائِلَه عَدَّا
هو ابنُ الرَّسولِ المُصْطَفى وذَوِي الصَّفَابني حَسَنِ الحُسْنَى الذين سَمَوْا مَجْدَا
لهم حُرْمةٌ يَعْنُو لها كلُّ مُسْلمٍ ... بها أخَذ المولى عليْنا لهم عَهْدَا
فللهِ آدابٌ بغيرِ تَطبُّعٍ ... ولكنّ مِن سِرِّ الرَّسولِ بها مُدَّا
وأدَّبني ربي له منه قِسْمَةٌ ... بفَرْضٍ وبالتَّعْصِيبِ من إرْثِه مدَّا
وللهِ شِعْرٌ جاوَز الشعر رِقَّةً ... وجاوَز للشِّعْرَى العَبُورِ بما أبْدَى
ولا عَجَبٌ من ذاك عندي ورَبُّه ... بعِزَّتِه قد جاوَز الأيْنَ والحَدَّا
وناظمُ عِقْدِ المَكْرُماتِ بكفِّه ... وينْثُره جُوداً فيُحْيِي به فَقْدَا
وقد كان منك الفضلُ قِدْماً ومَقْدَماً ... بسابِقةٍ تسْتوجِب السَّعْيَ والوُدَّا
فأظْهَرْتُ بالأبْياتِ ما كان مُدْغَماً ... ويمَّمْتُ بالإخْفاء بيتاً حَوَى عَوْدَا
فشِمْتُ به تاجاً على الرأسِ مُشْرِقاً ... فعانَقْتُه حُبّاً وهِمْتُ به وجْدَا
وداخَلنِي منه حَياءٌ ودَهشَةٌ ... لِمَا كان من وَهمٍ فأوْرَثنا حِقْدَا
وقابلْتُه بالرُّحْبِ والبِشْرِ فَرْحَةً ... ولم نَرَ منه حين حان اللِّقَا صَدَّا
ولا عَجَبٌ سَبْقُ الجِادِ فإنها ... مُعَوِّدةٌ بالسَّبْقِ ما كُلِّفَتْ شَدَّا
ولَسْتُ بحمِصيٍ كما قال باهِتٌ ... ولكنْ خَلِيليٌّ اسْتَهْدَى
وجَدِّي من الآباءِ فيما رُوِى أبو ... سعيدٍ هو الخُدْرِيُّ أكْرِمْ به جَدَّا
وذاك من الأنصارِ أنْصارِ جَدِّكُمْ ... رسولٌ به نِلْنَا عُلاَ الجَدِّ والجِدَّا
عليه صلاةُ اللهِ ثم سلامُه ... وآلٍ وصَحْبٍ والمُحِبُّ لهم جِدَّا
أَجِدِّكَ هذا القَدْحُ فيمَن يُحِبُّكمْ ... ويَحْمَدُكم مَدْحاً ويمْدَحُكم حَمْدَا
وما أصْلَتتْ كَفَّاكَ يا مُصْلِتاً على الْ ... أعادِي سَيْفاً بَاتِراً ماضِياً حَدَّا
فحسْبيَ عِلْمُ اللهِ واللهُ عُدَّتِيوذِمَّةُ خَيْرِ الرُّسْلِ تكْفِي مَن اسْتَعْدَى
ومن شعره قوله، من أبيات كتبها في صدر رسالة، إلى يوسف العسيلي القدسي:
يا مَن إليه تشَوُّقِي وتَشَوُّقِي ... قلبي يُحَدِّثني بأنَّك مُتْلِفِي
هل قد عَرفْتَ بأنَّني لك مُصْطَفٍ ... رُوحِي فِداكَ عَرَفْتَ أم لم تَعْرِفِ
ولقد أقول لِلاَئِمي في حُبِّكمْ ... أيُلامُ مَن يهْوَى الجمالَ اليُوسُفِي