تصُبُّ عليهم حديدَ النِّصالِ ... وتأخُذها في دَمٍ عَسْجَدَا
قال بعضهم: قول ابن نباتة السعدي لم يسبق إليه:
أبَوْا أن يُطِيعُوا السَّمْهَرِيَّة غِيرَةً ... فصُبَّتْ عليهم كاللُّجَيْنِ الْقَواضِبُ
فعادتْ إلينا عَسْجَداً مِن دِمائِهمْ ... ألا هكذا فلْيَكْسِبِ المجدَ كاسِبُ
ومنه أخذ الأَبيوردي قوله:
وللهِ دَرُّ السيفِ يجلُو بَياضُهُ ... غَياهِبَ يومٍ قاتِمِ الجَوِّ أرْبَدَا
بمُعْتَرَكٍ تَلْقَى به الموتَ لُجَّةً ... تَسِيلُ لُجَيْناً ثم تُغْمَدُ عَسْجَدَا
قال: قلت: انظر هذا مع قولي أولا.
وله:
رأيْتُك طَوْداً قد لَجأْتُ لِظلِّهِ ... فلي مَعْقِلٌ منه إذا دهرِيَ اعْتَدَى
إذا قُمْتُ في نَادِيه أُنْشِدُ مِدْحَةً ... أنا الطائرُ المَحْكِيُّ والآخَرُ الصَّدَى
وله:
رُقَى الفَقْرِ اسْمُه يدْعُوهُ دَاعٍ ... ورُؤْيةُ وجهِه سَعْدُ السُّعود
دَعَانَأ نَحْو سُدَّتِه نَداهُ ... خَرِيرُ الماءِ يدعُو للوُرودِ
وله:
ويومٍ غَدَأ بارِداً جَوُّهُ ... بَدَا رَعْدُه من هَواً يَبْرُدُ
ترى لهبَ النارِ من بَرْدِهِ ... بكَانُونهِ أبَداً ترعُدُ
من بدائع الصلاح الصفدي، قوله من رسالة: لو ترى أحدنا وقد أخذه النافض، ونحاه القر بعامله الرافع والزمهرير الخافض، لرأيت شخصاً قد ركبت أعضاؤه من الزئبق فما تستقر، وجفت لهواته يبساً فما تستدر.
لا يمد كفه ولو بايعه الناس على الخلافة، ولا يخرج يده ولو كان فقيراً إلى كيس ذهب أو نديماً إلى كأس سلافة.
يكاد لذلك البرد حتى الكلام يتجسد، ويتمنى الإنسان لو أنه تحت رخام الحمام يتوسد.
وله في مثلٍ معروف:
أهْوِنْ بسيِّد فِتْيَةٍ نال الغِنَى ... بدَناءَةٍ مَنَعتْهُ فيهم رُشْدَهُ
وعليه جُلْجُلُ سَبَّةٍ ولآَمَةٍ ... ستُشَدُّ لكن هل يُرَى مَن شَدَّهُ
وله:
كم جِئْتُه بِحاجَةٍ ... ومالَه عندي يَدُ
فقال لي إلى غدٍ ... والدهرُ كلُّه غَدُ
وله:
أيِسْنَا من هُدَى الهادِي ... وإسْعافٍ وإسْعادِ
وصار زمانُنا أعْمَى ... يُقدِّم كلَّ قَوَّادِ
وله:
قلتُ لِمْ تشتري الغلام كبيراً ... وصِغارُ الغِلْمانِ لِلَّهْوِ عُدَّهْ
قال إنَّا لم نأْخُذِ اليومَ إلاَّ ... مَن وجَدْنَا مَتاعَنا اليومَ عِنْدَهْ
وله:
شيخٌ بسَعْدٍ وبِنَحْسٍ له ... كم قادَ أوْبَاشاً من السَّادَهْ
مَتاعُ زُهْدٍ وَسْطَ سُوقِ الرِّيَا ... يُباعُ في حانوتِ سَجَّادَهْ
وله:
قد قلتُ إذ حَسَدُوا وما ... في العَيْشِ إذْ حسَدوا رَغَدْ
خَسَّ الزَّمانُ وأهلُه ... وطِباعُهم حتى الحَسَدْ
وله:
ما نعمةٌ تخْلُو من الحسدِ الذي ... مِنْه تكَدَّر كلُّ وِرْدٍ قد وُرِدْ
وأرى الخمولَ مع التَّواضُعِ نِعْمةً ... قد صانَها الرحمنُ من كَدَرِ الْحَسَدْ
وله؛ في قول العوام: الورد من عرق النبي صلى الله عليه وسلم:
ناضرُ الوردِ قيل مِن عَرَقِ المُخْتَا ... رِ قد لاح في حَدائِقِ خَدِّ
وَرْدُ خَدَّيْهِ قبلَ ذلك زَاهٍ ... هل سمعتُم بالوَرْدِ من ماءِ وَرْدِ
وله:
فتَّح الوَردُ في الرِّياضِ صَباحاً ... عندما قبَّل النسيمُ خُدودَهْ
بُلِّغَ الزَّعْفَرانُ فهْو لهذا ... ضاحِكٌ شَقَّ من سُرُروٍ بُرودَهْ
وله، في قول أرباب الفلاحة: إن الحيات والهوام تهرب من شجر الرمان، ولذا يجعل بعض الطيور أوكارها فيه:
إذا هَبَّتْ صَبَا الأسْحارِ يوماً ... وحَرَّكَتِ الذَّوائبَ في الخُدودِ
فَحيَّاتُ الذَّوائبِ في اضْطِرابٍ ... وقد شَعَرتْ برُمَّانِ النُّهودِ
وله:
يسْمُو بخُلْقٍ ولِسانٍ حَلاَ ... مَن بِلِبانِ المجد قِدْماً غُذِي