رِضَا الأنامِ غايةٌ لا تُدْرَكُ ... أرْضِ الإله للسَّدادِ تَمْلِكُ
إنَّ اقْتنَاءَ المجدِ والمَناقِبِ ... تكونُ في الصبرِ على العَواقِبِ
إنَّ المِزاح مُلْقِحُ الأضْغانِ ... وكاسِفٌ مَهابةَ الإنْسانِ
فَضْلُ الأيادِي في النَّدَى قُروضُ ... ووُدُّها في شَرْعِه فُروض
لا يعدَمُ الكريمُ أن لا يُحْسَدَا ... والمالُ مَكذوبٌ عليه أبَدَا
إذا تَلاقَى الخطْب والأقْدارُ ... يصْطلِحُ الغَرِيقُ والتَّيَّارُ
يَتْعب مَن يُجاوِرُ الأعْلَى المَحَلَّ ... أما تَرَى الْخَصْرَ النَّحِيلَ والكَفَلْ
ورُبَّ شِرِّيرٍ لِقَومٍ يُصْلِحُ ... إنَّ الحديدَ بالحديدِ يُفْلَحُ
إنَّ الجبانَ حَتْفُه مِن فوقِه ... والثَّوْرُ يحمى أنفَه برَوْقِهِ
لا يتْركُ الحزْمَ اللبيبُ الأكْيَسُ ... أن تَرِدَ الماءَ بماءٍ أكْيَسُ
والْحِرْصُ في كلِّ زمانٍ عانِي ... والحِرْصُ والحِرْمانُ تَوْءَمانِ
شَيبُ الشُّعورِ زُهْرُ النُّجومِ ... تُنْبِتُه غمائمُ الغُمُومِ
إن لم يجُدْ بوَصْلِه الحبيبُ ... اصْطَلح العاشقُ والرَّقيبُ
أعْطِ أخاك إن قَدَرْتَ تَمْرَهْ ... فإن أبى قبولَها فَجَمْرَهْ
تُؤدِّب الأشْرافُ بالهجْرانِ ... ولم تُؤدِّبْ قطُّ بالحرْمانش
لا تصْحبِ المجْدُودَ بعد الْياسِ ... فرُبَّما أعْداك بالإفْلاسِ
السادات البكرية سادات الوجود، وأولياء النعم الذين عرفوا بالكرم والجود.
بيتٌ كبيت العتيق يزوره من لبى وأحرم، ومن نال لثم عتبة بابه فقد ظفر بالحجر المكرم.
ثبتت أوتاده وأطناهب، ووصلت بأسباب السماء أسبابه.
لا زحاف فيه إلا في بيوت حساده، ولا يطأ إلا على رقاب أضداده.
حرمٌ آمن ليس للحوادث عليه هجوم، ولا لشياطين البغي فيه استراقٌ فلذا تستريح شهبه من الرجوم.
فهو نور الكون قبل أن يخلق النيران، وقطب الدائرة قبل أن تؤمر الأفلاك بالدوران.
خالصة الله من عباده أهل الصلاح، وتراب نعالهم كحلٌ لعيون أهل الفلاح.
ما منهم إلا فتىً لثوب العز ساحب، وللوقار من الصبا مصاحب، فإذا استوى على كرسيه فملكٌ عليه من المهابة قبل الحاجب حاجب.
بحاارٌ ظمت وعلت القلل متعهدة صوب العهاد، فتوارت البحار خجلاً منها في منخفض الوهاد.
ففي جيد الدهر من مدائحهم عقودٌ وقلائد، ليس إلا كلماتها شذرات وقوافيها فوائد.
فمنهم: أحمد بن زين العابدين شهاب أفقهم الثاقب، الكثير المآثر والمناقب.
رايات مشاهده على الآفاق مجلوة، وآياتٌ محامده بألسنة الإطلاق متلوة.
فما فتحت المحابر أفواهها إلا لتنطق ألسنة الأقلام بما مدحته به الأنام، ولا حبر الحبر بياض العطروس بسواد السطور إلا ليشير إلى أن من جملة خدمه الليالي والأيام.
إذا بدا للعيون أدهشها عن التملي حجابه المنيع، وإذا قابله الورد احمرت خدوده إذ أخجل الروض منه الصنيع.
وقد عودته بسط الكف فواصله، فلو أراد قبضها لم تجبه أنامله.
محاسن شيمه خلفها المعالي تسير، ومواطىء هممه كف الثريا إليها تشير.
وإذا رقَى نَجْدَ المعالِي وَاطِئاً ... ثَهْلان مَجْدٍ في ذَرَاهُ فارِعَا
لم يَحْكِه شَرَفاً ولا ظِلٌّ له ... فلذا يُعَفِّر منه خَدَّا ضَارِعَا
وكان يسير سيل الملوك، ويقلد من الترفة بأزهى السلوك.
في عزةٍ أشهر من مثل، وعن الملوك فلا تسل.
وقد ولي قضاء مكة فانضم إلى كعبتها كعبة، وبسط يده في المواهب حتى صير كعباً لا يبلغ في الجود كعبه.
فلا ينتهي من محمدةٍ حتى تكل الخواطر، ولا يرجع عن مأثرةٍ حتى تنقطع عن السير المطي الخواطر.
وهو في الأدب روض توشى ببرده الأخضر من نباته، ونظم النوار قلائده من جيد الجداول في لباته.