للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ممن قال له اليم الملتهم، أنا مدادك الملتطم، وقال مكنونه أنا درك المنتظم.

وأرجو من الأستاذ الصفح عن هذه الفرطة، والعفو عن الجناية التي ورطتني هذه الورطة.

فمثله من يقبل الأعذار، ويقوم بوجوده عن ذنب الزمان الاعتذار.

وأما مثولي بين يده، ووصولي بعد هذه المدة لديه، فبيني وبينه شهر الصبر، وأعزم لأحصل بمشيئة الله موسم الجبر.

وقد نويت أني لا أفارق تلك الحضرة، أو يفارق الآس الخضرة.

حقق الله سبحانه رجائي، وأمدني بإمدادات الأستاذ في علانيتي ونجوائي.

وفلان أحسن الله بقاه، وحفظه من كل سوءٍ ووقاه، شوقني بخبره إلى نظره، وبسلامه إلى كلامه.

فأنا أهدي إلى جنابه سلاماً كسلام أصحاب اليمين، وأودعه القلب على الثقة من أمين، إنه أمين، وعن الود لا يمين.

ولما تعلقت إرادة الله تعالى بمسيري إلى القاهرة المعزية، كان أول من اجتليت بها طلعته الزاهية الزهية.

فأنخت الراحلة في حماه، واقتصرت من أهاليها على التوسل برحماه.

فنزلت من النيل وساكنيه بمجمع البحرين، ونظرت إلى وجهه وإلى البدر فرأيت القمرين.

وفاتحته بقولي:

حَسْبُ مصرٍ فَخْراً على البُلْدانِ ... وهْي أُمُّ الدنيا بشَيْخِ الزَّمانِ

سيِّدٌ أشْتفِي بتُرْبَةِ نَعْلَيْ ... هِ إذا كت تقرَّحتْ أجْفانِي

وألحقتها بهذه القصيدة:

نُجْلُ العيونِ من الكَواعِبْ ... أوْقَعْنَ قلبي في المَتاعِبْ

بأبِي غَوانٍ للنهَى ... تُدْعَى السَّوالِبَ والنَّواهِبْ

الغَارِساتُ الْبَانِ في ... خَلَل الرَّوادِفِ والتَّرائِبْ

والمُطْلِعاتُ البَدْرِ ما ... بيْن السَّوالِفِ والْحَواجِبْ

هُنَّ الْقَواضِي بالرَّدَى ... لَمَّا يُجَرِّدْنَ القَواضِبْ

من كلِّ رُودٍ إن بَدَتْ ... تَخْفَى لطَلْعتِها الكواكبْ

تخْتالُ في مَرَحِ الصِّبَا ... رَيَّا المَسارِبِ والمَساحِبْ

وتكادُ مِن لُطْفِ الأدِي ... مِ تَسِيل مِن كلِّ الجوانبْ

ما أنْكَرتْ عهد الهوى ... لكنْ تُسامِح في الرَّغائِبْ

وإذا أرادتْ طُول لَهْ ... فِ الصَّبِّ أرسلَتِ الذَّوائِبْ

أبُثَيْنُ هل من عَطْفةٍ ... لِمُولَّهٍ قَلِقِ الرَّكائبْ

حَمَّلْتِه ما لا يقُو ... مُ بحَمْلِه الصُّمُّ الرَّواسِبْ

وأبَحْتِه لِعَنَا التَّغَرُّ ... بِ فاغْتدَى إحْدَى الغَرائِبْ

رِفْقاً أيا قلبي بِقَلْ ... بي في مَ إغْضاءُ المُجانِبْ

هَلاَّ أذِنْتِ بزَوْرَةٍ ... لِلطَّيِفِ في جُنْحِ الغيَاهِبْ

فيروزُ مُضْنىً أقْلقَتْ ... فيه فَلا الْبِيد النَّوادِبْ

ولقد رَعَيْتِ وما وَعَيْ ... تِ عُهودَ هاتِيكَ المَلاعِبْ

أيَّامَ لم يَجْنِ الدَّلا ... لُ على الهَوى غَلَطَ المُعاتِبْ

والعَيْشُ وَضَّاحُ السَّنَا ... والدهرُ سَمْحٌ بالمطالِبْ

حتى اسْتحالَ وكُدِّرتْ ... تلك المَوارِدُ والمشارِبْ

ونأَيتُ عنك ولِي حَشاً ... لم يَدْرِ ما مَضَضُ النَّوائِبْ

أسْرِي وحُبِّي سائِقِي ... أيَّانَ شاءَ مِن المَذاهِبْ

وأخُطُّ نُونَاتِ المُنَى ... بِمنَاسِمِ الغُرِّ النَّجائِبْ

ورَجاءُ زَيْنِ العابدي ... نَ وَسِيلَتِي لِحمَى المَآرِبْ

ذاك الهُمامُ أجَلُّ مَن ... تسْعَى لِسُدَّتهِ الرَّكائِبْ

شَهْمٌ أحاط بكلِّ مَنْ ... قَبةٍ بها تَسْموُ المَناقِبْ

مُتناسِقُ الأخْلاقِ بَا ... دِي البِشْرِ فَيَّاضُ المواهِبْ

كم رَغْبَةٍ عَرَضتْ به ... ما أعْرَضتْ عنها الرَّغائِبْ

فترُوض رَوْضَ فضائلٍ ... بالْجُودِ مُخْضَرَّ الجَوانِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>