للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحْبُوكَ مِن ثَمَرِ المُنَى ... غَضَّ الْجَنَى دَانِي الأطايِبْ

وشمائلاً عَطَّرْنَ أرْ ... دِيَةَ الشَّمائِلْ والجَنائِبْ

كالغَيْثِ بَرَّاقُ المخَا ... ثِل وهْو مُنْهَمِرُ الصَّوائِبْ

نِعَمٌ بها يُنْشِي النَّدَى ... والرَّوْضُ تُنْشِيهِ السَّحائِبْ

ولَكَمْ له من نائلٍ ... شَمِل الأقاربَ والأجانبْ

كالشَّمْسِ في كَبِدِ السَّمَا ... تغْشَى المَشارِقَ والمَغارِبْ

مَوْلايَ أنت وأنتَ أنْ ... تَ نِتاجُ مَفْخَرَةِ الحَقائِبْ

يا نَجْلَ صِدِّيقِ النَّبيِّ ... وفَرْعَ زَهْراءِ المَناسِبْ

لك مِن أُصولِك رُتْبةٌ ... فَخَرَتْ على كلِّ المَراتِبْ

وهمُ الذين تَبَوَّءُوا ... في المجدِ هَاماتِ الثَّواقِبْ

نَطق الكتابُ بِمَدْحِهمْ ... واسْتفْتحتْ بهم الكتائِبْ

فمدائحُ الأقوامِ غَيْ ... رِهُمُ تُعَدُّ مِن المَثالِبْ

وعَلَ عِداهُم في الورَى ... رَصَدانِ للقَدَرِ المُحارِبْ

ما اسْتَيْقَظُوا إلاَّ رَما ... هُم بالمتاعبِ والمصاعِبْ

وإذا غَفَوْا أمَرَ الحُلو ... مِ فَجَرَّدتْ لهمُ القَواضِبْ

مَوْلاَي يا مَن أرْتَجِي ... هـ إذا تعسَّرتِ المَطالِبْ

طَوَّقْتنِي نِعَماً بها ... أثْقلْتَ ظَهْرِي والمنَاكِبْ

فَلأشْكُرنَّك شُكْرَ مَن ... جَعَلَ الثَّنا أسْنَى الرَّواتِبْ

وإليك غانِيةً تَها ... دَى في مُصَنْدَلة الجَلائِبْ

فاسْتَجْلِ منها حُسْنَ مُنْ ... عَطَفٍ لأسْرابِ السَّرائِبْ

واسْلَمْ كما سَلِمتْ صِفا ... تُ عُلاكَ من كُلِّ المعائِبْ

تزْهُو بِمِدْحتِك الورَى ... بيْن الأعاجِمِ والأعارِبْ

ولك الأمانِي غَضَّةٌ ... والدهرُ مأمونُ العَواقِبْ

وكنت في أثناء الإقامة سافرت إلى رشيد، ثم عدت إليه بالرغبة، وما عدلت عنه للرهبة.

عود من عرف فضله، واستطاب ظله، ولم يحمد مباينته، ولا استوفق مجانبته.

فطاب العود والإبدا، ورجوت أن يروي تلك النوادي الأندا.

فإنه إذا كان أول من عرف تعبدي فجوده لعنان ثنائي ثاني، وإذا كان لي من ذراه مرابع فلي من خطابه مثالث ومثاني.

فرأيته في الثانية كالأولى، وحاله على أجمل ما عوده الله وأولى.

فالله يجريه على عادته الحسنى التي هي جبلةٌ نفيسة في نفسه، ويجعل كل يومٍ من أيامه مبشراً بالخير عن غده وزائداً فيه على أمسه.

فخاطبته مرتجلاً بقولي:

يا مَن هواهُم آخذٌ بأعِنَّتِي ... وهمُ لقلبي في الورَى المَطْلوبُ

ذَنبُ الفِراقِ وقد ظفِرْتُ بقُرْبكم ... فعلَى يَدَيْهِ من الزمانِ أتوبُ

وأخلق بمن جنح إلى الاعتراف والإقرار، ونزع عن التمادي والإصرار، أن تكون توبته مقبولة، وإنابته صحيحة غير معلولة.

وشتان بين المتورط الناصر لورطته، وبين النازع الراجع عن غلطته.

وقد اسْتطار إلى المعالِي مُدْرِكاً ... مَن أنْهَضَتْه لنَحْوِه العَلْياءُ

طلَب النَّباهةَ في ذَراهُ فما لَهُ ... إلاَّ لَدَيْه تأمُّلٌ ورَجاءُ

فكساني حلة فخارٍ وتجمل، وحملني من آلائه ما لم يبق لي معه تحمل.

واحتاز فؤادي أجمعه، بأن لم يجعل لأحد علي يداً معه.

فأنا عرافٌ بأن صرف الفكر لغيره عبثٌ ولهو، فإذا سجد يراعي لمدح سواه فسجدته سجدة سهو.

وقد أخذت عنه من فضلٍ يراعه الموشى للأوراق، ومحاسن بدائع التي تخفى خجلاً منها الشموس عند الإشراق، ما يضيق عن إحاطة وصفه نطاق الأرقام، وتنصضب عنده ليقة المحابر وتحفى أقدام الأقلام.

فمن ذلك كتابٌ كتبه إلى رئيس المنجمين، نادرة الفلك الدوار، وقطب فلك التحقيق الذي عليه المدار، المولى أحمد بن لطفي، حرس الله مهجته، وأدام رونقه، وبهجته:

<<  <  ج: ص:  >  >>