الحمد لله أسمى الأسماء، العالم بمواقع النجوم والأنواء، الرحمن المتفضل بجلائل الآلاء، الرحيم بدقائق الإمدادات من الدرجات العلى.
والصلاة والسلام والتحية والثنا، على مركز دوائر الاهتدا، المنزل عليه: " والنجم إذا هوى " صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما طلع نجمٌ وما ركبٌ سرى.
والدعاء للدولة العثمانية، والسيرة العمرية، مواظبٌ من السلالة الصديقية، والحضرة الزينية، على ترادف الآنا.
وبعد: فقد اعتبرت كيوان في مراقي الاعتلا، وتوسمت برجيس في إشراق السنا وعلو السنا، وبهرام في سلطنة قهره المنيع الذري، والنير الشمسي عند خط الاستواء، وعروس الدوران الزهرة الزهرا، والقمر المنزل لتقدير الاهتدا، فرأيت جميعها ممتثلاً أمر ربه الأعلى، مسخرةً لخدمة هذا الرئيس فرادى وثنا، مذعنةً له يصرف سعودها ويصرف نحوسها كيف يشا.
فتثليث سعدها ينظر إليه من تربيع، وتسديس طالعها يطالعه من تسديس.
فلن تحول الدوائر الكثيفة، ولم تحجب ذوي الظلال الوريفة، بينه والعلى كيف شاء وارتضى، فهو أولى بأن ينشد ويقصد:
وقد عرفتْك فما بالها ... تراها تَراك ولا تنْزلُ
ولو بِتُّما عند قَدْرَيْكما ... لَبِتَّا وأعْلاَكُما الأسْفَلُ
وإذا فتح الله على هذا العالم الأصغر بإلهام الفراسة، وفتق له رتق الخاطر من الكياسة، لم ينطق عن الهوى، وكأنما هو وحيٌ يوحى.
ولما قدر الله تعالى بالقران السعيد، واستقام سير هذا الرئيس على سمت سيرنا ونظرنا إلى طابع هذا الرئيس من تسديس، ولحظ مقامنا الرفيع من تربيع، نظرنا له خصائص سلك فيها طرقا، وإن لم يأت بها غيره تخلقا أتى بها هو خلقا.
ونظرنا علمه الذي يطالع الغيب من وراء سترٍ رقيق، ويطلع على الضمائر من مكان لا سحيق.
فيرى بفضل حسه وقياسه، ما لا يراه حاذقٌ بإحساسه.
فقلنا: سبوح قدوس من شمسٍ تخجل شمس السنا، وتضاءل لها تضاؤل الإما، وتعلم أن ليس لها إلا المشاركة في الأسما.
وقد رأينا به العالم في واحد، وعلمنا أن الدهر للناس ناقد.
وأنه قد سعى أحمد سعى، وخدمه الجد ثم عاد إلى المحل الأعظم، والسدة العليا والمقام الأعصم.
فوصل وصول حبيبٍ غائب، ووقع وقوع غيثٍ صائب.
فاستقبلته دولةٌ كان فارقها ولم تفارقه، ولم نقل إنه وافقها ولم توافقه.
وقد علم أن المحبة التفاتاتٌ إلى متوجهه، وتشوقاً إلى ورود أنباء تنبي عن مكتنهه.
فمنها ما يفيد تجديد العهود السالفة، وما يفيد المودات المستقبلة الآنفة.
وقد علم الداني والقاصي، والطائع والعاصي، فضل جدنا الأعلى، ومجدنا الأسمى، وتمسك الماضين من سلاطين بني عثمان بولائنا واعتقادنا.
فشاع ذلك وذاع، وملأ الربوع والرباع، وعلمته الملوك والرعاع.
وخصوصاً هو، فإنه ملأ باعتقادنا صدره، وعلم خبر مددنا وخبره.
ثم إن سلطاننا الآن قان الدوران، وشهنشاه الزمان.
من حاز فضيلتي العلم والعمل، وبلغ من مزايا الدنيا والآخرة أقصى ما يمتد إليه الأمل.
ومما صح عنه بتواتر النقل، وشواهد العقل، محبة العلماء والفضلا، وإيثار النبهاء والنبلا.
وله فؤادٌ أنتم جنانه، ولسانٌ أنتم ترجمانه، ورأيٌ وأنتم قهرمانه، ومجلسٌ خاصٌّ وأنتم حاضرته وقطانه.
والملك يشتغل أحياناً في أن ينص، فيعذر أن لا يعم أو يخص.
والرئيس قد تمكن من المكانة حتى صار شمس مطالعه، ومنتهى مطامعه.
ولنا والحالة هذه به وصلةٌ تأكدت أسبابها، وتوثقت أطنابها.
تبعثه على نجاز متعلقات أغراضنا من ذلك المقام الأشم من مذكرات، تفضي إلى مكاتبات، ومودات تسفر عن إمدادات.
ولم ننبهكم أننا نبهنا غافلا، ولا استطلعنا آفلا.
لكنها الذكرى تنفع المؤمنين، لا كمكن لبث بضع سنين.
وهذه طلبةٌ لم نؤهل سواكم لأمثالها، ولا أطلعناه على مثالها.
بل ثقتنا بكم حملتنا على أن نطلعكم على تلك السريرة، فالأسرار عند الأخيار ذخيرة.
ولما بلغتنا مبالغكم العلية، قلنا نهنيكم بالدرجات السنية:
أُعْطِيَتِ القوسُ مَن بَرَاهَا ... وبُوِّىءَ الدارَ مَن بَناهَا
ألْقتْ عَصاها ثم اسْتقرَّتْ ... مِن بَعْدِ ما أبْعدَتْ نَواهَا
مِنَصَّةٌ ما رقَى عليها ... مَن نال أمْثالَها شِفاهَا
فما لها كافِىءٌ سِواهُ ... وما لَه كافىءٌ سِواهَا