يا مَن دَعَتْه العُلَى فَلَبَّى ... وما تَوانَى وما تَلاهَا
هُنَّيتَ بالقَدْرِ والمَزايَا ... وما سِواهَا وما وَراهَا
ومن شعره هذه المقصورة:
أساءَ فَأحْسَن فيما أسَا ... لأنِّي أرى حالتيْه سَوَا
وواصَلنِي هَجْرُه والسُّهادُ ... وهاجَرني وَصْلُه والكَرَى
وأنَّى تُسِيىءُ حِسانُ الوُجوهِ ... حِسانُ القُدُودِ حِسانُ الرُّوَا
ومَن يَكُ مِثْلِي قصيرَ اللِّسانِ ... فلِمْ لا يكون طويلَ الأسَى
وهيْهات أذكُر إلاَّ الجميلَ ... وكيف أقولُ اسْتحال الضِّيَا
وهل يُحْسِن الفعلَ إلاَّ المَلِيحُ ... وهَلْ يُذْهِب الداءَ إلاَّ الدَّوَا
كَلِفْتُ به عَرَبيَّ اللِّسا ... نِ والوَجْهِ والأدبِ المُنْتقَى
ولكنَّه جَرْكَسِيُّ النِّجارِ ... له ألْفُ خالٍ بأرْضِ الكفَا
إذا قال نَظَّمَ عِقْدَ البَيانِ ... وإنْ جال فتَّتَ صُمَّ الصَّفَا
وإنْ صَال سُلَّتْ مُتونُ الظُّبَا ... وإن خال كَلَّتْ جُفونُ الظِّبَا
وإن مَالَ قلتُ لِخُوطِ النَّقَا ... إليكَ فلسْتَ بِخُوطِ النَّقَا
ألسْتَ تَرَى صَعَداتِ الرُّبَى ... تَخِرُّ له سُجَّداً وهْي لاَ
تُحرَّكُ أنت بهَبِّ الهَوَا ... وذاك يُحرِّك منِّي الْهَوَى
ويهْتَزُّ عن ثَمَراتش الْجَنَا ... وتهْتَزُّ عن ثَمَراتِ المُنَى
وأنتَ تَميدُ بريحِ الصَّبَا ... وذاك يَمِيلُ برَوحِ الصِّبَا
وذلك يُورِق سُودَ الشُّعُورِ ... وأوراقُ مِثْلِك جَزْلُ الغَضَا
وهيْهات هيْهات منك الْجفَا ... وهيهات هيهات منه الوَفَا
ويبْعُدُ أن يجْتلِيكَ العِيانُ ... تَولَّدُ منه صُنوفُ الصَّفَأ
ويا مَن رأَى طَيْفَهُ في المَنامِ ... وإن كان زُوراً كمَنْ لا يَرَى
ويا سَعْدَ مَن باتَ في صَدْرِهِ ... إلى الصُّبْحِ من أُولَيَاتِ الْعِشَا
يُغازِل منه عُيونَ الْمَهَا ... مُتَرْجمةً بحديثِ الْهَوَى
ويجْنِي بِفِيهِ تُفَاحَ الخُدُودِ ... وإن رام غيرَ جَنَاها جَنَى
يُقبِّلُه مِائَتَيْ قُبْلةٍ ... دُوَيْنَ اللِّثامِ وفوقَ اللِّثَى
ويَرْشُفُ من ثَغْرِه قَرْقَفاً ... يُسمُّون ضَرَّتَها بالسُّلاَ
وينْظِمُ في الجِيدِ تِقْصارةً ... فَرائِدَ مِن لَثْمِهش أو ثُنَا
يُعانِقُ منه قَضِيبَ الْقَوامِ ... ويرشُفُ منه زُلالَ اللَّمَى
يُبلُّ بماءِ الشَّتِيتِ الشَّنِيبِ ... ظَمَا كَبِدٍ أبداً في ظَمَا
فطَوْراً يمُصُّ كَمَصِّ الكُؤُوسِ ... وطَوْراً بِرَشْفٍ كرَشْفِ الطِّلاَ
يُباشِرُه مِن وراءِ الْقَمِيصِ ... مُباشَرةً مِثْلَ طَيْفٍ الخِبَا
إذا ما وَلَي جِسْمُه جِسْمَهُ ... فقد قابَلتْ بَرْدَ طُوبَى لَظَى
ويهْصِرُه مِعْطَفاً مِعْطَفاً ... لِذَاتِ اليَمينِ وذاتِ الشِّمَا
ويُفْرِشُه زَنْدَ يُمْنَى يَدَيْهِ ... ويجْعَل يُسْراه مِثْلَ الْغِطَا
فَماً لِفَمٍ مثلَ زَقِّ الْحَمامِ ... وهيْهات يُشْبِه زَقَّ الْحَمَا
وصَدْراً لِصَدْرٍ ومن هَا هُنا ... يَلَذُّ العِناقُ إلى ههُنَا
فثَمَّ احْتدَامُ وَطِيسِ الْغَرامِ ... وثَمَّ مُثارُ لَهِيبِ الْحَشَا
وثَمَّ اغْتنامُ لذيذِ الوصالِ ... وثَمَّ تَشاكِي أليمِ الْجَفَا
وبالصُّعَداءِ ووَضْعِ اليَدَيْنِ ... على الكَبِديْنِ ترَى الاشْتِكَا