للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومٌ بهم ما حَيِيتُ دَائِي ... وهم دَوَائِي وعَيْنُ طِبِّي

وهم شموسُ العُلَى افْتخاراً ... بفَيْضِ كَسْبٍ وفَيْضِ وَهْبِ

وهم سحَابُ الرَّجَا مَطِيراً ... إذا اشْتكَى الدَّهرُ عَهْدَ جَدْبِ

ولاَحَ سِرُّ الوفاءِ منهم ... عَوْناً إذا سامَ دَفْعَ كَرْبِ

فهم عِياذِي وهم مَلاذِي ... لكلِّ هَوْلٍ وكلِّ خَطْبِ

وليس لي عنهُمُ غَنَاءٌ ... وهكذا حَالةُ الْمُحِبِّ

وقد رَضَوا لي سَلْبِي سِواهُمْ ... فاشْهَدْ مَقامَ الرِّضا وسَلْ بِي

لا نِلْتُ مِن قُرْبِكم وِصالاً ... إن لم أمُتْ فيكمُ بحُبِّي

غَمَرْتُمونِي بكلِّ فَضْلٍ ... وقد عَمَرْتُم رُبوعَ قلبِي

وهكذا تفعلُ الْمَوالِي ... إذا رَعَوْا ذِمَّةً لِصَبِّ

وقوله:

قَسَماً بكم يا سادتي وغَرامِي ... ما حُلْتُ عن عَهدِي لكم وذِمامِي

وأنا المُقيمُ لكم على عَهْدِ الوفَا ... وعلى هَواكُم تَنْقضِي أيَّامِي

غيري يُغَيِّرُه الجَفاءُ عن الهوى ... فيَمِيلُ نحوَ مَلامةِ اللُّوَّامِ

وأنا الذي لو مُتُّ فيكم لم أحُلْ ... عنكمْ ولا يَثْنِي المَلامُ زِمامِ

يا سادتِي عَطْفاً على عَبْدٍ لكم ... فعَسَاكمُ تحْنُوا على الْخُدّامِ

فالقلبُ في نِيرانِ تَبْرِيحِ الجَوَى ... يَصْلَى وجَفْنِي مِن جَفاكُمْ دَامِي

أرْضَعْتُموني دائماً ثَدْيَ الرِّضَا ... ويَشُقُّ من بَعْدِ الرِّضاعِ فِطامِي

فعلى مَ أظْهَرْتُم إهانةَ عَبْدِكم ... مِن بَعْدِ ذاك العِزِّ والإكْرامِ

ما زَلَّ بي قَدَمٌ وإن زَلَّتْ فكَمْ ... غُفِرتْ لَدَيْكم زَلَّةُ الأقدامِ

قَسَماً بفضْلِكُمُ عَليَّ وإنه ... لِذَوِي المَعارِفِ أعظمُ الأقْسَامِ

بسِواكمُ ما لِلْفُؤادِ تَعَلُّقٌ ... أنتم مَرامِي دونَ كُلِّ مَرامِ

يا عَاذِلِي ذَرْنِي فإني كُلَّما ... زِدْتَ الْمَلامَ عليَّ زادَ هُيامِي

كيف التَّسَلِّي عن هَواهُم بَعْدَمَا ... سَكَنَ الهوى في مُهْجَتِي وعِظامِي

مَن رامَ فَضْلاً يَأْتِهِمْ مُتأدِّباً ... يَحْظَى بهم ويفوزُ بالإكْرامِ

إنِّي لأَطْرَبُ من مَدِيحِ صِفاتِهمْ ... فأمِيلُ نَشْواناً بغير مُدَامِ

إنْ أعْرضُوا فأنا الصَّبُورُ وإن أبَوْا ... فأنا الشَّكورُ بِخُلَّتِي وغَرامِي

شُرِّفْتُ حين غَدَوْتُ مِن خُدّامِهمْ ... ورَقِيتُ في الإسْعادِ خيرَ مَقامِ

ومن مطولاته قوله:

حَيِّهِمْ إن جِئْتَهم يا سَعْدُ حَيّ ... فهمُ أهلُ الوفَا في كلِّ حَيّ

عِشْ بهمْ صَبّاً ومُتْ في حُبِّهمْ ... مَن يَمُتْ في حُبِّ حَيٍ فهْو حَيّ

هُم مُلوكُ الأرضِ سَاداتَ الورَى ... فاَرْوِ عنهم واطْوِ ذِكْرَ الْغَيْرِ طَيّ

لم يزَلْ إحْسانُهم يغْمُرُنا ... مُطْلَقاً بالفَيْضِ في نَشْرٍ وطَيّ

كم كذا ألْطَافُهم تَأْتِي بما ... فيه لِلْقَلْبِ شِفاءٌ ودَوِيّ

لَفْظُهم والجودُ ذَا فيه شِفَا ... لِذَوِي السُّقْمِ وذا فيه رَوِيّ

مِن كِلاَ هذين لا أبْرَحُ لي ... سَكْرَةٌ فارْوِ لهم عن سَكْرَتَيّ

أنا منهمْ لم أزَلْ مُكْتسِباً ... كُلّ ما يُنْسَبُ في الخيرِ إلَيّ

فسَناهُم لاَمِعٌ في فِكْرَتِي ... ونَداهُم هَامِعٌ في رَاحَتَيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>