أمْرانِ مِن غيرهما أمَرَّان، لُؤم كحَدِّ السِّنان، ولَوْم كوَخْزِ المُرَّان.
من لَحَظنِي بنَظَرٍ شَذْر، بِعْتُه بثمنٍ نَزْر.
ما اغْتابنِي في غَيْب، إلاَّ ذُو عَيْب.
ولا ذَمَّ مِنِّي حُسْنَ طَبْع وخِيم، إلاَّ مَن هو صاحب طَبْعٍ وَخِيم.
غِيْبَةُ الأنام، مُضْغةٌ لَفَظها الكِرام.
واللَّئِيمُ مَن لا يُحْسَد ولا يُسْتغاب، فإنه لا يُمْضَغ إلاَّ ما طاب.
إذا وَعَظْتنِي فلم أنْتبِهْ، فلعلَّك تَنْتَبِهُ أنْتَ بِه.
يخلُص من الشِّرَك، مَن عقلُه بالهوى غيرُ مُشْترَك.
مَن كذَب فيما قال، فهو للحقِّ والصِّدق قال.
من لم يفْهَم ما يُريد، فكيف يفهم ما تُريد.
أكثرُ مَن يرغبُ في زيادةِ الوَصْف، تراه يكبُر مِن وراء الصَّفّ.
مَثَلُ ما يرُوج من الأشعار، عند مَن لا يَدْرِي ميزانَ الأسْعار، مثلُ الأعاريب لم يَرَوا خُبْزَ الْحِنْطة فيُكْبِرون خُبْزَ الشَّعِير، والقومِ لم يَرَوا لُجَّةَ البحرِ فهم يُعَظِّمون ماءَ الغَدِير.
المادحُ فيما يُتْعِبُ فكرَه فيه من الأشْعار، كالمِجْمَرة تُعطِّر غيرَها وتتأذَّى هيَ بالنار.
مَن ذا الذي يسمعُ ما قضَيْته من الشِّدَّة والألم، ولا يقْذِف القِرْطاسَ والدَّواة والقلَم.
ما مِثْلُ مَن رَجَوْتُه يحرِم القُصَّاد، وإنَّما نَحْسُ السُّؤَّال قد يُعدِي الأجْواد.
ما بي إذا أحْرَمنِي مِن نَوالِه بَأس، إلاَّ أنه أشْمَتَه في رَجائِي منه اليَأْس.
رُبَّ شخصٍ أمْضَى مِن عُسْر بعد يُسْر، لا تَعْرِف أنه إنْسان إلاَّ بأنه في خُسْر.
وَعْدُه يُنْهِك بانْتظارِه قُوَى الأمَل، ويُحقق أنه ليس بإنسانٍ لأن الإنسان خُلِقَ من عَجَل.
كم سمَح بَيْتَه بالزَّاد نعم، لكنْ ليس لما يفْعله طعم.
إذا بَدَا شَكْلُه للعُيون، فهو أقْبَحُ مِن وَثيقةِ المَدْيون.
رُبَّ رجلٍ يُعْجِب الناسَ وهو صامِت، فإذا نطَق فكلُّ حَاسِدِيه شوامِت.
السكوتُ عن غيرِ الصَّوابِ صواب، وتَرْكُ مماراةِ الجاهلِ جَواب.
لسانُ المرءِ عن عقلِه تَرْجُمان، فمن زَلَّ عقلُه زلَّ لسانُه.
ليس الفضلُ كُله في الجُمود، حتى يلْتبِس الإنسانُ بالجُلْمُود.
إذا صدرَ القولُ عن عربيٍ فلا يضرُّهُ عجْمة ناقل، فما يضُرُّ مَحاسنَ سَحْبان أن تجريَ على لَهْجةِ باقِل.
ما كل زَنْدٍ زَنْدُ أبي لَهَب، ولا كلُّ مَوْزونٍ هو الذهب.
ليس لرَجلٍ حطَّه اللُهُ رافِع، ولا لأمرٍ شاءه في الخَلْقِ دافِع.
تخليصُ المَتاب، ينْفي خُبْثَ العتابَ، وحسنُ الاعتراف، يمْحُو سوء الاقْتراف.
وكتبتُ إلى بعضِ المَوالِي بعد اجْتماعٍ وتَوَدُّد: حضرة المولى، الذي نَرَى شُكْرَه من كلِّ شكرٍ أحَقَّ وأَوْلَى.
مَن ابْيَضَّت بغُرَّةِ إِقْبالِه الأيام، وأخْجَل وَشْيُ براعتِه النجومَ فَتَلفَّعتْ بأرْديةِ الغَمام.
لا زالت الألْطافُ الرَّبانيَّةُ تغْشَى بابَه، والسعادةُ الأبديَّة تملأُ رِحابَه.
ألْثِم بأهْدابِ مُقلتِي مَواطِىءَ أقْدامِه، وأُقَبِّلُ بشَفتيَّ باسِطةَ موارِد خُدَّامِه.
وألُوذُ بسُدَّته لَياذَ المُشْفِق الشَّفُوق، وأعوذُ بأنْوارِ طَلْعتِه مِن ظُلُمات التَّقصير والعُقوق.
فارقْتُه ولي فؤادٌ يُبْغِض الْجَفا كما يُبْغِضُ الناسُ الأعْدا، ويعشَق الوفا كما يعشَق الناسُ الأوِدَّا.
وخاطِرٌ مَمْلوءٌ بالمَحبَّة التي لا تُجاوِرها الغُمَّة، وناظرٌ زهَد عن النَّظِر بعدَه إلى أحدٍ من الأُمَّة.
وفي عُنُقِي من نِعَمِهِ طَوق، مالي بأداءِ شُكرِه طَوْق.
وأنا الآن في عافيَةٍ لا عَيْبَ فيها إلاَّ فقده، ونِعْمةٍ لا وَصْمةَ فيها إلاَّ بُعْدُه.
لكنْ لي من ذِكْرِه مَرآةٌ أرَى وجهَه فيها، وأُطالِع مِن صُورةِ إقْبالِه ما يشْفِي القلوب التي عنده أمانِيها.
وبين ضُلوعِي وَلاءٌ تشْتَكُّ أواصِرُهُ والأنساب مُنْفَصِمة، وتُشْرِق صَفحاتُه وأسِرَّةُ الشمس مظلمة.
فما اسْتفْتحتُ إلاَّ بذِكْرِه، ولا خَتَمْتُ إلاَّ بشُكْرِه.
وما بين ذلك أُجِيبهُ بالدُّعا، وأُباهِي به بين المَلا.
وإني لأذكُر عهدَه، ومُقامِي عندَه.
في ليالٍ نُجيلُ فيها للأُنْسِ قِداحا، ونَتهادَى الأحاديثَ إن لم نَتَهادَ أقْداحا.
حتى تكونَ الألْسِنةُ بوَصْفِها تُغْرَى، وترتشِف دُجاهَا لَمىً وصُبْحَها ثَغْرا.