للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنهم أفيالُ شِطْرَنْجٍ فلا ... يُظاهِر المرءُ أخاه في عَنَا

وإن خَفِيتَ بينهم عَذَرْتَهم ... فشدَّةُ الظهورِ تُوِرُث الْخَفَا

منها:

وليلةٍ بِتُّ أعُدُّ نَجْمَها ... والدمعُ قاني الصِّبْغ مَحْلولُ الوِكَا

ولم يطُلْ لَيلِي ولكنَّ الجوى ... يُعِيدُ ليلَ الصيفِ من ليل الشِّتَا

والشوقُ كالليلِ إذا الليلُ دَجَا ... والليلُ كالبحرِ إذا البحرُ طَمَا

كأنما المرِّيخُ عَينُ أرْمدٍ ... أو جمرةٌ من تحت فَحْمَةِ الدُّجَى

كأنما السُّها أخو صَبابةٍ ... يكاد يُخْفِيه السَّقامُ والضَّنَى

كأنما سُهَيْلُ راعِي نُعُمٍٍ ... أو فارسٌ يقْدُم جيْشاً للْوغَى

كأنما الجَوزاءُ عِقْدُ جوهرٍ ... أو سُبْحةٌ أو مَبْسِمُ العَذْبِ اللَّمَى

كأنَّ مُنْقَضَّ النُّجُوم شَرَرٌ ... تثِيرُه الرِّياحُ من جَمْرِ الْغَضَا

كأنما السُّحْبُ سُتورٌ رُفِعتْ ... أو مَوجُ بحرٍ أو شَوامِخُ القِلاَ

كأنما الرَّعْدُ زَئيرُ ضَيْغَمٍ ... قد فَقد الشِّبالَ أو صوتُ رَحَى

كأنما البَرْق حُسامُ لاعبٍ ... يُديره في يَدِه كيف يَشَا

كأنما القَطْرُ لآلٍ نُثِرتْ ... على بساطِ سُنْدُسٍ يومَ جِلاَ

منها:

كأنما الْهَمَّ غَرِيمٌ مُقْسِمٌ ... أن لا يَغِيبَ لَحْظةً عن الحشَا

كأنما القلبُ مكلَّفٌ بأن ... يحمِل منه ما تحمَّل الوَرَى

كأنما وَجْهُ البَسِيطِ شُقَّةٌ ... لا تَنْطوِي ولا لحدِّها انتهَا

كأنَّني مُوكَّلٌ بِذَرْعِها ... من قِبَلِ الْخِضرِ بأذْرُع الْخُطَا

لا أسْتقرُّ ساعةً بمنزلٍ ... إلا اقْتضَى أمرٌ تجدُّدَ النَّوى

ولا تَراني قطُّ إلاَّ راكباً ... في طلب المجدِ وتحْصِيلِ العُلَى

والحُرُّ لا يرضَى الهَوانَ صاحباً ... وليس دارُ الذُّلِّ مَسْكنَ الفَتَى

والعقلُ في هذا الزمانِ آفةٌ ... وربما يقْتُل أهلَه الذَّكَا

وذو النُّهَى مُعذَّبٌ لأنه ... يريد أن تَرى الأنامُ ما يَرَى

والناسُ حَمْقَى ما ظفرت بينهم ... بعاقلٍ في الرأي إن خطبٌ دَهَى

وكلَّما ارْتَقَى العُلَى سَرِيُّهم ... كَفَّ عن الخيراتِ كَفَّاً وطَوَى

يهْوَى المديحَ عالِماً بنَقْدِه ... ودون نَقْدِه تناوُلُ السُّهَا

وإن طلبْتَ حاجةً وَجدْتَه ... كمِشْجَبٍ من حيث جِئْتَ فهوْلا

إن أوْعَدُوا فالفعلُ قبلَ قَوْلِهم ... أو وَعَدُوا فإنهم كالشُّعَرَا

والآن قد رَغِبْتُ عن نَوالِهم ... وتُبْتُ من مَدِيحهم قبلَ الْهِجَا

لا ينْبَغي الشِّعْرُ لذي فضيلةٍ ... كيف وقد سُدَّتْ مذاهبُ الرَّجَا

وخابتِ الآمالُ إلاَّ في الذي ... حِماهُ مَلْجَأُ العُفاةِ الضُّعَفَا

منها:

يا خيرَ مَن يشْفَع في الحَشْرِ ومَن ... أفْلَحَ قاصِدٌ لِبابِه الْتَجَا

كُنْ لي شفيعاً يومَ لا مُشَفَّعٌ ... سِواكَ يُنْجي الخائفين مِن لَظَى

قد عظُم الخوفُ لِمَا جَنَيْتُه ... والعفوُ عند الأكْرمين يُرْتجَى

وليس لي عذرٌ سوى توكُّلِي ... على الكثيرِ عَفْوُه لمن عَصَى

لولا الذُّنوبُ ضاع فيْضُ جُودِه ... ولم يَبِنْ فضلُك بين الشُّفَعَا

وها كَها خَرِيدةً مقصورةً ... على مَعاليك ومَهْرُها الرِّضَا

<<  <  ج: ص:  >  >>