إن قُبِلْتَ فيالها من نِعْمةٍ ... وهل يخافُ واردُ البحرِ الظَّمَا
صلَّى عليك ذو الجلالِ كلما ... صلَّى عليك مُخْلِصٌ وسَلَّمَا
وبَاكَرتْ ذاك الضَّرِيحَ سُحْرةً ... حَوامِلُ المُزْن يُحثُّها الصَّبَا
ما سُلَّ عَضْبُ الفجرِ من غَمْدِ الدُّجَى ... وما سَرَى رَكْبُ الحجازِ مُدْلِجَا
وهذه أُرْجوزة في الأمثال:
أحسنُ ما سارتْ به الأمثالُ ... حَمْدُ إلهٍ مالَه مثالُ
فالحمدُ لِله على إسْدائِهِ ... فضلاً يكِلُّ النُّطْقُ عن إحْصائِهِ
ثم الصلاةُ للنبيِّ المُحْتَرمْ ... مَنْبَعِ أسْرارِ العلومِ والحِكَمْ
وآله وصحبِه الكرامِ ... مَن فهِموا مَزِيَّةَ الكلامِ
ما تُلِيتْ مَحاسنُ الألْفاظِ ... فشَنَّفتْ مسامِعَ الحُفَّاظِ
وهذه تَحائفٌ أُهْدِيها ... من حِكَمٍ لمن وَعَى أُبْدِيهَا
سَمَّيْتُهَا برَاحةِ الأرْواحِ ... جَالبةِ السرورِ والأفْراحِ
قالتْ لها الأمثالُ حزْتِ السَّبْقَا ... إذْ أنتِ في حِفْظِ اللبيبِ أبْقَى
إنَّ اللَّبيبَ يعرِف المَزايَا ... وكم خَبايَا لُحْنَ في الزَّوايَا
ورُبَّ جاهلٍ لقد تعلَّما ... لا يَأْيَسَنَّ نائمٌ أن يغْنَمَا
من غَنِم الفرصةَ أدْركَ المُنَى ... ما فاز بالكَرْمِ سوى الذي جَنَى
الناسُ إخوانٌ وشَتَّى في الشِّيَم ... وكلُّهم يجمعُهم بَيْتُ الأدَمْ
فالبعضُ منهم كالغذاءِ النافعِ ... والبعضُ كالسَّمِّ الزُّعافِ الناقِعِ
وهكذا بعضُ الذَّواتِ رُوحُ ... والبعضُ منها في الحشَا قُروحُ
ورُبَّ شخصٍ حسنٍ في الخَلْقِ ... وهْو أشدُّ من شَجىً في الحَلْقِ
والدهرُ صَرَّافٌ له تصْريفُ ... يرُوج فيه النَّقْدُ والزَّيُوفُ
لذاك ضاعتْ خُلَّصُ الأحرار ... كضَيْعَةِ المصباحِ في النهارِ
تَعادُلُ الفاضلِ وَالمفْضولِ ... عَرَّ فنا الفضلَ من الفُضولِ
والاعْتدالُ في الأمور أعْدَلُ ... والمَسْلَك الأوسطُ فيها أمْثَلُ
هي المُنَى مَجْلَبَةُ التَّعَنِّي ... كم عاشقٍٍ أهَّلَه التَّجَنِّي
قد تُحْرَمُ الآمال حيث الرَّغْبهْ ... وتسقُط الطيرُ لأجلِ الحَبَّهْ
المرءُ تَوَّاقٌ إلى ما لم يَنَلْ ... وكلُّ شيءٍ أخْطأَ الأنْفَ جَلَلْ
مَن كان يهْوَى مَنْظَراً بلا خَبَرْ ... فماله أوْفَقُ من عِشَقِ القَمَرْ
مَضى الصِّبا فأين منه الوَطَرُ ... هيْهات هيهات الجَنابُ الأخْضَرُ
مِيعادُ دمعِي ذِكْرُ أيامِ الصِّبا ... وجُلُّ شَجْوِي عند هَبَّةِ الصَّبَا
مضَى نَشاطِي إذْ تولَّى الصَّحْبُ ... ما أعْلَمَ الموتَ بمَن أُحِبُّ
صَبْراً على الهمومِ والأحزانِ ... فإنَّ هذا خُلُقُ الزمانِ
ثِقْ بالإله كم له صُنْعٌ حَفِي ... وهْو إذا حَلَّ البَلاَ لُطْفٌ خَفِي
خُذْ فُرْصةَ الإمْكانِ في إبَّانِهِ ... واسْجُدْ لقِرْدِ السّوءِ في زَمانِهِ
إن فاتَكَ الغَدِيرُ فاقصِدِ الوَشَلْ ... يرْضَى بِعِقْدِ الأسْرِ من أوْفى الثَّلَلْ
حَدُّ العفافِ القَنعُ بالكَفافِ ... ما ضاق عيْشٌ والإلهُ كافِي
مَن لم تكن أنتَ له نَسِيبَا ... فلا تُؤمِّلْ عنده نَصِيبَا
والناسُ إن سألْتَهم فَضْلَ القُرَبْ ... حاوَلْتَ أن تجْنِي من الشَّوكِ العِنَبْ