للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأيتِ بالشَّرفينِ ما ... يدعو المحبَّ إلى الحبيبِ

وسمعتِ بُلبلها ينادِ ... ينا بحيَّ على الطروبِ

ونظرتِ وَرقاها تجسُّ ... العودَ بالكف الخضيبِ

أو ضعتِ بالمرجِ النَّض ... يرِ قفي القليلَ وعرِّضي بي

واقري التَّحيَّة أهلهُ ... عنِّي وبالتَّذكارِ نوبي

واستنطقي بالدُّفِّ ثمَّ ... الجُنكِ أنواع الضُّروبِ

ثم الثمي الخلخالَ في ... شوقِ الغصونِ مع الكعوبِ

فسقى دمشقَ وما حوتْ ... من أنهرٍ مثلُ الضَّريبِ

فلبانياس ورقمهِ ... نقشٌ على كفِّ رطيبِ

وببَردهِ بردى يزي ... لُ لجينهُ صدأ القلوبِ

قنواتها برحيقها ال ... مختومِ فضيِّ الصَّبيبِ

ويخور ثوراها فير ... وي الحرثَ من تلك الشُّعوبِ

كم وجنةٍ من عقربا ... فيها بدا أخفى دبيبِ

ويزيدُ دمعي إن ذكر ... تُ يزيدَ سحًّا بالنُّقوبِ

ما جئتِ داعيةَ الهوى ... إلا وداراني رقيبي

وإذا ذكرتِ مقاسمَ اللَّ ... ذَّاتِ لا تنسيْ نصيبي

يا نفسُ مالي إن ذكر ... تُ سوى دمشقٍ لا تُجيبي

أصفَتْك خالص ودِّها ... وحمتكِ من مسِّ اللَّغوبِ

ومن مقاطيعه قوله:

جذبتُ بمغناطيسِ لحْظيّ خالهُ ... فصارَ لجفني ناظراً وعلاجا

ومذْ خفتُ من عينِ المُراقبِ أنبتتْ ... دموعُ زفيري للجفونِ سياجا

وله من قصيدة، أولها:

أما آنَ أن تُقضى لقلبي وعودهُ ... ويورقُ من غصنِ الأحبَّةِ عودهُ

فقد شفَّهُ داءٌ من الصَّدِّ مُتلفٌ ... وليس له غيرُ الضَّنى من يعودهُ

وما حال مشتاقٍ تناءتْ ديارهُ ... وأحبابهُ مُضنى الفؤادِ عميدهُ

يراقبُ من دورِ النَّسيمِ إرادةً ... فإن جاءهُ يذكي الجوى ويزيدهُ

حكى النَّجمَ بين السُّحبِ يبدو ويختفي ... إذا سال أجفاناً وثار وقودهُ

ولو كان يسعى للزَّمانِ ممكَّناً ... لسارَ ولكن أثقلتهُ قيودهُ

ومن أخرى:

سلوا الجُؤْذُرَ الفتَّاك بالمُقلةِ المرضى ... أبا للَّحظِ أم بالقدِّ أحرمني الغمضا

فإن كان غيري حبُّه شابه سوى ... فإنِّي امرؤٌ حبِّي له لم يزل محضا

أرى حبَّ غيري سنَّةً ومحبَّتي ... يقيناً على هجرانهِ لم تزل فرضا

لقد طال بي ليلُ الصَّبابة والمنى ... فهل لي من وصلٍ به مهجتي ترضى

وبي ساخطٌ أمَّا هواهُ فمالكٌ ... من المهجةِ المقروحةِ الكُلَّ والبعضا

وله من أخرى، مستهلها:

سواكَ بقلبيَ لم يحلُلِ ... وغيرُ مديحكَ لم يحلُ لي

وغيركَ عند انعقادِ الأمورِ ... إذا اشتدَّتِ الحالُ لم يحللِ

قصدتكَ سعياً على ضامرٍ ... حكاني نحولا ولم ينحُلِ

يكادُ يسابقُ برقَ السَّما ... ولولا وجودُك لم يعجلِ

وجرَّدتُ من خاطري صاحباً ... لشكوى الزَّمانِ وما تمَّ لي

أعاطيهِ كأسَ الهوى مُترعاً ... شكاةً فألقاهُ لم يملَ لي

وصحبٍ بجلَّقَ خلَّفْتهمْ ... سواهمْ بقلبيَ لم ينزلِ

وخضتُ بدمعيَ مذ فارقوا ... وبالصدِّ منزلُ قلبي بلي

فقلتُ لجاري عُيوني قفا ... لذكرى حبيبٍ مع المنزلِ

وفتَّانةٍ سمتُها وُصلةً ... فأصْمَتْ بناظرها مقلتي

بقدٍّ تُرنِّحهُ ذابلاً ... وخدٍّ به الوردُ لم يذبلِ

مهاةٌ من الحورِ في ثغرها ... رحيقٌ من الرَّائقِ السَّلسلِ

لخَتمِ الجمالِ به شامةٌ ... تهيجُ البلابلَ كالبلبلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>