بعيدٌ عن الأحبابِ دانٍ بقلبهِ ... يهيمُ إذا ما ساجعُ الدَّوحِ غرَّدا
متى وعدتْ آمالُه الوصْلَ مرةً ... ألمَّ بِها داعِي المِطالِ ففنَّدَا
أمَا وهوًى بينَ الجوارحِ كامنٍ ... به الصَّبُّ مجدودٌ وإن كانَ ذا جدَا
لئِنْ زارني طيفُ الأحبَّةِ مرةً ... وأوطأْتُه خدًّا ووسدْتُه يدَا
غفرتُ ذُنوبَ الدَّهرِ من بعدِ ما سطَا ... وسالمْتُ صِلَّ الدَّهرِ من بعدِ ما عدَا
وعدتُ إلى رُشدِي بمدحِي محمَّداً ... نبيَّ الهُدى والعوْدُ ما زالَ أحمدا
وقوله:
وتنفُّسِي الصُّعداءَ ليسَ شِكايةً ... ممَّا قضتْهُ سوابِقُ الأفكارِ
لكن بقلبِي جُملةٌ تفصيلُها ... صعبٌ لدى العُقلاءِ والأحرارِ
فجعلتُ موضِع كلِّ ذلك أنَّةً ... ضمِنتْ مُرادِي من عطاءِ البارِي
ومن ملحه موشَّحه الذي عارض به موشح بنت العرندس الشيعي، ومطلعه:
أهواهُ مُهفهفاً من الولدانِ ... ساجِي الحدقِ
قدْ فرَّ من الجِنانِ من رضوانِ ... تحت الغسَقِ
من ريقته سكرتُ لا من راحِي
كمْ جدَّدَ لي رحيقُها أفراحِي
كمْ أسكرنِي بخمرِها يا صاحِ
كمْ أرَّقنِي بطرفِه الوسنانِ ... حتَّى الفلقِ
لو عاملَه بعدلِه ذا الجانِ ... أطفَا حُرقي
من باهرِ حسنهِ يغارُ القمرُ
في روْضِ جمالِهِ يحارُ النَّظرُ
قدْ عزَّ لديّ إن بدَا المصطبَرُ
ما اهتزَّ يميل ميلةَ الأغصانِ ... للمعتَنِقِ
إلاَّ وأتاحَ للمحبِّ العانِي ... كلَّ القلقِ
يا ويحَ محِبِّه إذا ما خطرَا
كالبدرِ يلوحُ في الدَّياجِي سَحَرا
إن أقضِ ولمْ يقضِ لقلبي وطَرَا
فالويلُ إذاً لمغرمٍ ولهانِ ... في الحُبِّ شَقِي
قدْ حمِّل في العِشقِ من الهِجرانِ ... ما لمْ يطِقِ
القدُّ رشيقٌ مثلَ خوطِ البانِ
واللَّحظُ كسيفِ الهندِ في الأجفانِ
والخالُ شقيقُ المِسكِ في الألْوانِ
والخدُّ مورَّدٌ أسيلٌ قانِي ... شِبهُ الشَّفقِ
والعارِضُ قدْ سُلسِلَ كالرَّيحانِ ... للوردِ يقِي
يا عاذلُ لو أبْصرتَ من أهواهُ
ناديتَ تباركَ الذي سوَّاهُ
قد أحسنَ خلقهُ وقدْ نمَّاهُ
إذْ كمَّله وخصَّ بالنُّقصانِ ... بدرَ الأُفقِ
قدْ أفرَغهُ في قالبِ الإحسانِ ... زاكِي الخُلُقِ
الصَّبرُ على لُقياهُ مثلُ الصَّبرِ
والقلبُ غدا من هجرِهِ في جمْرِ
ما ألْطفهُ في وصلِهِ والهجْرِ
لم ألقَ له في حسنِهِ من ثانِي ... حُلوِ المَلَقِ
ما واصلَ بعدَ بُعدِه أجفانِي ... غيرُ الأرقِ
ومطلع الموشح الذي عرضه، هو هذا:
ما رنَّحتِ الصَّبا غصونَ البانِ ... بين الورَقِ
إلاَّ وشجَا الهوى فؤادي العاني ... نارَ الحُرقِ
ما هبَّ صبالنحوك القلبُ صبالاقى وصبا
يا بدرَ سماسما على بدرِ سماللناسِ سَبا
صِلني فعسىتنالُ منِّي ذَهباعقلي ذهبا
والقلبُ منِّي موقدُ النِّيرانِ ... نامي القلقِ
والناظرُ قد أسال من أجفاني ... ماءَ الغَدقِ
وللمحاسني من قصيدة:
أيا مربعاً عهدي به وهو آهلُ ... سقاكَ من الغيثِ المُلثِّ هواطلُ
لكَ الله من رَبعٍ تفيَّأتُ ظلَّهُ ... وواصلني فيه الحسانُ العواطلُ
ألفتُ به نشوانَ من خمرةِ الصِّبا ... تفوق الصَّبا في اللُّطفِ منه الشمائلُ