بل تشفيا وتداويا ويعاشر كل فرقة بعادته ورسمه ويسمح بالمقدور وَالتَّقْدِير من المَال ويركب لمساعدة النَّاس كثيرا مِمَّا هُوَ خلاف طبعه
ثمَّ لَا يقصر فِي الأوضاع الشَّرْعِيَّة ويعظم السّنَن الإلهية والمواظبة على التعبدات الْبَدَنِيَّة
وَيكون دوَام عمره إِذا خلا وخلص من المعاشرين تطربه الزِّينَة فِي النَّفس والفكرة فِي الْملك الأول وَملكه وكيس النَّفس عَن عيار النَّاس من حَيْثُ لَا يقف عَلَيْهِ النَّاس عَاهَدَ الله أَنه يسير بِهَذِهِ السِّيرَة ويدين بِهَذِهِ الدّيانَة وَالله ولي الَّذين آمنُوا وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل
وَمن شعر الشَّيْخ الرئيس قَالَ فِي النَّفس وَهِي من أجل قصائده وَأَشْرَفهَا
(هَبَطت إِلَيْك من الْمحل الأرفع ... وَرْقَاء ذَات تعزز وتمنع)
(محجوبة عَن كل مقلة عَارِف ... وَهِي الَّتِي سفرت وَلم تتبرقع)
(وصلت على كره إِلَيْك وَرُبمَا ... كرهت فراقك وَهِي ذَات تفجع)
(أنفت وَمَا أنست فَلَمَّا واصلت ... ألفت مجاورة الخراب البلقع)
(وأظنها نسيت عهودا بالحمى ... ومنازلا بفراقها لم تقنع)
(حَتَّى إِذا اتَّصَلت بهاء هبوطها ... فِي مِيم مركزها بِذَات الأجرع)
(علقت بهَا ثاء الثقيل فَأَصْبَحت ... بَين المعالم والطلول الخضع)
(تبْكي إِذا ذكرت ديارًا بالحمى ... بمدامع تهمي وَلما تقطع)
(وتظل ساجعة على الدمن الَّتِي ... درست بتكرار الرِّيَاح الْأَرْبَع)
(إِذْ عاقها الشّرك الكثيف وصدها ... قفص عَن الأوج الفسيح الأريع)
(حَتَّى إِذا قرب الْمسير إِلَى الْحمى ... ودنا الرحيل إِلَى الفضاء الأوسع)
(سجعت وَقد كشف الغطاء فَأَبْصَرت ... مَا لَيْسَ يدْرك بالعيون الهجع)
(وغدت مُفَارقَة لكل مخلف ... عَنْهَا حَلِيف الترب غير مشيع)
(وبدت تغرد فَوق ذرْوَة شَاهِق ... سَام إِلَى قَعْر الحضيض الأوضع)
(إِن كَانَ أرسلها الْإِلَه لحكمة ... طويت عَن الفطن اللبيب الأروع)
(فهبوطها إِن كَانَ ضَرْبَة لازب ... لتَكون سامعة بِمَا لم تسمع)
(وتعود عَالِمَة بِكُل خُفْيَة ... فِي الْعَالمين فخرقها لم يرقع)
(وَهِي الَّتِي قطع الزَّمَان طريقها ... حَتَّى لقد غربت بِغَيْر المطلع)
(فَكَأَنَّهُ برق تألق للحمى ... ثمَّ انطوى فَكَأَنَّهُ لم يلمع) الْكَامِل
وَقَالَ فِي الشيب وَالْحكمَة والزهد
(أما أَصبَحت عَن ليل التصابي ... وَقد أَصبَحت عَن ليل الشَّبَاب)
(تنفس فِي عذارك صبح شيب ... وعسعس ليله فكم التصابي)