للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإنا لقينا لأزارقة المارقة بحد وجد، فكانت في الناس جولة، ثم ثاب أهل الحفاظ والصبر، بنيات صادقة، وأبدان شداد، وسيوف حداد. فأعقب الله خير عاقبة، وجاوز بالنعمة مقدار الأمل، فصاروا درئة رماحنا، وضرائب سيوفنا١. وقتل الله أميرهم ابن الماحوز، ارجو أن يكون آخر هذه النعمة كأولها، والسلام.

وكتب إليه أهل البصرة يهنئونه، ولم يكتب إليه الأحنف، ولكن قال: اقرأوا عليه السلام، وقولوا له: أنا لك على ما فارقتك عليه. فلم يزل يقرأ الكتب ويلتمس في أضعافها كتاب الأحنف. فلما لم يره قال لأصحابه: أما كتب إلينا? فقال له الرسول: حملني إليك رسالة، وأبلغه. فقال: هذه أحب إلي من هذه الكتب.

واجتمعت الخوارج بأرجان، فبايعوا الزبير بن علي، وهو من بني سليط بن يربوع. من رهط ابن الماحوز. فرأى فيهم انكساراً شديداً وضعفاً بيناً. فقال لهم: اجتمعوا. فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أقبل عليهم فقال: إن البلاء للمؤمنين تمحيص وأجر، وهو على الكافرين عقوبة وخزي، وإن يصب منكم أمير المؤمنين فما صار إليه خير مما خلف. وقد أصبتم فيهم٢ مسلم بن عبيس وربيعاً الأجذم والحجاج بن باب وحارثة بن بدر. وأشجيتم المهلب. وقتلتم


١ الدرئة: الحلقة يتعلم فيها الرمي والطعن, والضرائب جمع ضريبة. وهي كل ما ضربت بسيفك.
٢ ر: "منهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>