للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويورى أن رجلاً من الخوراج يوم سلى حمل على رجل من أصحاب المهلب فطعنه، فلما خالطه الرمح صاح: يا أمتاه! فصاح به المهلب: لا كثر الله بمثلك المسلمين! فضحك الخارجي وقال:

أمك خير لك مني صاحبا ... تسقيك محضاً وتعل رائبا

وكان المغيرة بن المهلب إذا نظر إلى الرماح قد تشاجرت في وجهه نكس على قربوس سرجه، وحمل من تحتها فبراها بسيفه، وأثر في أصحابها، حتى تخرمت الميمنة من أجله. وكان أشد ما تكون الحرب أشد ما يكون تبسماً، فكان المهلب يقول: ما شهد معي حرباً قط إلا رأيت البشر في وجهه.

وقال رجل من الخوارج في هذا اليوم:

فإن تلك قتلى يوم سلى تتابعت ... فكم غادرت أسيافنا من قماقم! ١

غداة نكر المشرفية فيهم ... بسولاف يوم المأزق المتلاحم

المأزق: هو يوم تضايق الحرب. والمتلاحم: نعت له. والمشرفية: السيوف. نسبت إلى المشارف من أرض الشام، وهو الموضع الملقب موته الذي قتل به جعفر بن أبي طالب وأصحابه.

[قال الأخفش: كان المبرد لا يهمز "مؤتة". ولم أسمعها من علمائنا إلا بالهمز] .

قال أبو العباس: فكتب المهلب إلى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة القباع.


١ القماقم: السيد الكثير الخير الواسع الفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>