للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يأمره] ١ بأن يرزق الجند، فرق المهلب أهل البصرة، وأبى أن يرزق أهل الكوفة، فأبى، فجرت بينهما غلظة، فقال عتاب: قد كان يبلغني أنك شجاع فرأيتك جباناً. وكان يبلغني أنك جواد فرأيتك بخيلاً، فقال له المهلب: يا ابن اللخنا! فقال له عتاب: لكنك معم مخول٢، فغضبت بكر بن وائل للمهلب للحلف، ووثب ابن تيم بن هبيرة بن أبي٣ مصقلة على عتاب فشتمه، وقد كان المهلب كارهاً للحلف، فلما رأى نصرهة بكر بن وائل سره الحلف واغتبط به، ولم يزل يؤكده فغضبت تميم البصرة لعتاب، وغضبت أزد الكوفة للمهلب.

فلما رأى ذلك المغيرة بن المهلب مشى بين أبيه وبين عتاب، فقال لعتاب: يا أبا ورقاء، إن الأمير يصير لك إلى كل ما تحب، وسأل أباه أن يرزق أهل الكوفة، فأجابه، فصلح الأمر، فكانت تميم قاطبة وعتاب بن ورقاء يحمدون المغيرة بن المهلب، وقال عتاب: إني لأعرف فضله على أبيه، وقال رجل من الأزد من بني إياد بن سود:

ألا أبلغ أبا ورقاء عنا٤ ... فلولا أننا كنا غضابا

على الشيخ المهلب إذ جفانا ... للاقت خيلكم منا ضرابا

وكان المهلب يقول لبنيه: لا تبدأوهم بقتال حتى يبدأوكم فيبغوا عليكم، فإنهم إذا بغوا نصرتم عليهم.

فشخص عتاب بن ورقاء إلى الحجاج في سنة سبع وسبعين، فوجه إلى شبيب، فقتله شبيب، وأقام المهلب على حربهم، فلما انقضى من مقامه ثمانية عشر شهراً اختلفوا.

وكان سبب اختلافهم أن رجلاً حداداً من الأزارقة كان يعمل نصالاً مسمومة، فيرمى بها أصحاب المهلب، فرفع ذلك إلى المهلب فقال: أنا قطري فقال: ألق هذا الكتاب في عسكر قطري واحذر على نفسك - وكان الحداد يقال له أبزى - فمضى الرسول، وكان في الكتاب: أما بعد، فإن نصالك قد وصلت إلي، وقد وجهت إليك بألف درهم، فاقبضها وزدنا من هذه النصال، فوقع الكتاب والدراهم إلى


١ تكملة ر. س.
٢ معم مخول. أي كريم الأعمام والأخوال.
٣ ر: "أخي".
٤ كذا في س, وفي ر: "بني ورقاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>