للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجه الحجاج إلى المهلب رجلين يستحثانه مناجزة القوم، أحدهما يقال له زياد بن عبد الرحمن، من بني عامر بن صعصعة، والآخر من آل أبي عقيل جد الحجاج، فضم زياداً إلى ابنه حبيب، وضم الثقفي إلى يزيد ابنه، وقال لهما: خذا يزيد وحبيباً بالمناجزة، فغادوا الخوارج فاقتتلوا أشد قتال، فقتل زياد بن عبد الرحمن، وفقد الثقفي، ثم باكروهم في اليوم الثاني وقد وجد الثقفي، فدعا به المهلب ودعا بالغداء، فجعل النبل يعق قريباً منهم، والثقفي يعجب من أمر المهلب، فقال الصلتان العبدي:

ألا يا أصبحاني قبل عوق العوائق ... وقبل اختراط القوم مثل العقائق

غداة حبيب في الحديد يقودنا ... نخوض المنايا في ظلال الخوافق

حرون إذا ما الحرب طار شرارها ... وهاج عجاج الحرب فوق البوارق١

فمن مبلغ الحجاج أن أمينه ... زياداً أطاحته رماح الأزارق

قوله:

وقبل اختراط القوم مثل العقائق

يعني السيوف، والعقائق: جمع عقيقة، يقال: سيف كأنه عقيقة برق، أي كأنه لمعة برق، ويقال انعق البرق إذا تبسم. وللعقيقة مواضع: يقال فلان بعقيقة الصبي٢، أي بالشعر الذي ولد به لم يحلقه، ويقال: عققت الشيء أي قطعته، ومن ذا فلان يعق أبويه، وكذا عققت عن الصبي، إذا ذبحت عنه، قوال أعرابي:

ألم تعلمي يا دار بلجاء أنني ... إذا أجدبت أو كان خصباً جنابها

أحب بلاد الله ما بين مشرف ... إلي أن يصوب سحابها٣

بلاد بها عق الشباب تميمتي ... وأول أرض مس جلدي ترابها

فلم يزل عتاب بن ورقاء مع المهلب ثمانية أشهر، حتى ظهر شبيب، فكتب الحجاج إلى عتاب يأمره بالمصير٤ إليه ليوجه إلى شبيب، وكتب إلى المهلب


١ قال المرصفي: "الحزون: لقب حبيب؛ لأنه كان يحرن في الأرض فلا يبرح". والبوارق والسيوف.
٢ ر: "الصبي" بكسر الصاد وألف مقصورة.
٣ مشرف: رمل بالدهناء.
٤ س: "بالمسير".

<<  <  ج: ص:  >  >>