للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد العزيز ورجاء بن حيوة: إني لأجد في كبدي جمرة لا تطفئها إلا عبرة، فقال عمر: اذكر الله يا أمير المؤمنين وعليك الصبر. فنظر إلى رجاء بن حيوة كالمستريح إلى مشورته، فقال له رجاء: أفضها يا أمير المؤمنين، فما بذاك من بأس، فقد دمعت عينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابنه إبراهيم، وقال: "العين تدمع، والقلب يوجع، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا يا إبراهيم لمحزونون" فأرسل سليمان عينه فبكى حتى قضى أرباً، ثم أقبل عليهما فقال: لو لم أنزف هذه العبرة لانصدعت كبدي. ثم لم يبك بعدها، ولكنه تمثل عند قبره لما دفنه وحثا على قبره التراب، وقال: يا غلام، دابتي، ثم التفت١ إلى قبره، فقال:

وقفت على قبر مقيم بقفرة ... متاع قليل من حبيب مفارق

رجعنا إلى تفسير قولها: وقولها:

وصبراً إن أطقت ولن تطيقي

كقول القائل: إن قدرت على هذا فافعل، ثم أبانت عن نفسها فقالت: ولن تطيقي.

وقولها:

فلا والله لا تسلاك نفسي

تريد: لا تسلو عنك, كقوله عزوجل: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ٢, أي كالوا لهم أو وزنوا لهم.

وقولها:

لفاحشة أتيت ولا عقوق

معناه: لا أجد فيك ما تسلو نفسي عنك له، ثم اعتذرت من إقصارها بفضل الصبر، فقالت:


١ كذا في الأصل, س, وفي ر, "ثم وقف متلفتا"
٢ سورة المطففين ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>