ذلك به حتى قتله، ثم حج من بعد ذلك المنتشر ذا الخلصة - وهو بيت كانت خثعم تحجه، زعم أبو عبيدة أنه بالعبلات، وأنه مسجد جامعها، فدلت عليه بنو نفيل بن عمرو بن كلاب الحارثيين؛ فقبضوا عليه، فقالوا: لنفعلن بك كما فعلت بصلاءة. ففعلوا ذلك به، فلقي راكب أعشى باهلة، فقال له أعشى باهلة: هل من جائبة خبر? قال: نعم، أسرت بنو الحارث المنتشر، وكانت بنو الحارث تسمي المنتشر مجدعا، فلما صار في أيديهم قالوا: لنقطعنك كما فعلت بصلاءة، فقال أعشى باهلة يرثي المنتشر:
إني أتتني لسان لا أسر بها ... من عل لا عجب منها ولا سخر
فبت مرتفقاً للنجم أرقبه ... حيران ذا حذر لو ينفع الحذر!
فجاشت النفس لما جاء جمعهم ... وراكب جاء من تثليث معتمر
يأتي على الناس لا يلوي على أحد ... حتى التقينا وكانت دوننا مضر
ينعى امرأ لا تغب الحي جفنته ... إذا الكواكب أخطا نوءها المطر
من ليس في خيره شر يكدره ... على الصديق ولا في صفوة كدر
طاوي المصير على العزاء منصلت ... بالقوم ليلة لا ماء ولا شجر
لا تنكر البازل الكوماء ضربته ... بالمشرفي إذا ما اجلوذ السفر
وتفزع الشؤل منه حين تبصره ... حتى تقطع في أعناقها الجرر
لا يصعب الأمر إلا ريث يركبه ... وكل أمر سوى الفحشاء يأتمر
تكفيه فلذة كبد إن ألم بها ... من الشواء ويكفي شربة الغمر
لا يتأرى لما في القدر يرقبه ... ولا تراه أمام القوم يقتفر
لا يغمز الساق من أين ولا وصب ... ولا يعض على شرسوفه الصفر
مهفهف أهضم الكشحين منخرق ... عنه القميص، لسير الليل محتقر
عشنا بذلك دهراً ثم فارقنا ... كذلك الرمح ذو النصلين ينكسر
[فإن جزعنا فقد هدت مصيبتنا ... وإن صبرنا فإنا معشر صبر
إني أشد حزيمي ثم يدركني ... منك البلاء ومن آلائك الذكر]