للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبرم: الذي لا ينزل مع الناس ولا يأخذ في الميسر؛ ولا ينزع إلا نكداً، قال النابغة:

هلا سألت بني ذبيان ما حسبي ... إذا الدخان تغشى الأسمط البرما١

وقوله: إذا القشع وهو الجلد اليابس، ويقال لكناسة الحمام القشع، قال أبو هريرة: وكذبت حتى رميت بالقشع.

وحدثني العباس بن الفرج الرياشي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري القاضي، في إسناد ذكره، قال: صلى متمم مع أبي بكر الصديق الفجر في عقب قتل أخيه؛ وكان أخوه خرج مع خالد مرجعه من اليمامة، يظهر الإسلام، فظن به خالد غير ذلك، فأمر ضرار بن الأزور الأسدي فقتله، وكتان مالك من أرداف الملوك، ومن متقدمي فرسان بني يربوع، قال: فلما صلى أبو بكر قام متمم بحذائه، واتكأ على سية٢ قوسه، ثم قال:

نعم القتيل إذا الريح تناوحت ... خلف البيوت، قتلت يا بن الأزور

ولنعم حشو الدرع كنت وخاسراً ... ولنعم مأوى الطارق المتنور

أدعوته بالله ثم غررته ... لو هو دعاك بذمة لم يغدر

وأومأ إلى أبي بكر، فقال: والله ما دعوته ولا غررته، ثم أتم شعره، فقال:

لا يمسك الفحشاء تحت ثيابه ... حلو شمائله عفيف المئزر

ثم بكى وانحط على سية قوسه - وكان أعور دميماً - فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء، فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: لوددت أني رثيت أخي زيداً بمثل ما رثيت به مالكاً أخاك! فقال يا أبا حفص! والله لو علمت أن أخي صار بحيث صار أخوك ما رثيته، فقال عمر: ما عزاني أحد بمثل تعزيتك. وكان


١ تغشى: تلبس والأشمط الذي خالطه الثيب.
٢ سية القوس: ما عطف من صرفيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>