للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوا مثلهم فاستهزموهم بدعوة ... دعوها وكيعاً والجياد بهم تجري١

ومن الجفاة عند الموت هدبة نب خشرم العذري، وكان قتل زيادة بن زيد العذري، فلما حمل إلى معاوية، تقدم معه عبد الرحمن أخو زيادة بن زيد، فادعى عليه، فقال له معاوية: ما تقول? قال: أتحب أن يكون الجواب شعراً أم نثراً? قال: بل شعراً فإنه أمتع، فقال هدبة:

فلما رأيت أنما هي ضربة ... من السيف أو إغضاء عين على وتر

عمدت لأمر لا تعير والدي ... خزايته ولا يسب به قبري٢

رمينا فرامينا فصاد سهمنا ... منية نفس في كتاب وفي قدر

وأنت أمير المؤمنين فما لنا ... وراءك من معدى ولا عنك من قصر٣

فإن تك في أموالنا لا نضق بها ... ذراعاً، وإن صبر فنصبر للصبر٤

فقال له معاوية: أراك قد أقررت يا هدبة! قال: هو ذاك، فقال عبد الرحمن: أقدني، فكره ذاك معاوية وضن بهدبة عن القتل - وكان ابن زيادة صغيراً - فقال له معاوية: أوما عليك أن تشفي صدرك وتحرم غيرك! ثم وجه به إلى المدينة فقال: يحبس إلى أن يبلغ ابن زيادة، فبلغ.

وكان والي المدينة سعيد بن العاصي، فمما وقف عليه من قسوته قوله:

ولما دخلت السجن يا أم مالك ... ذكرتك والأطراف في حلق سمر


١ قال المرصفي أنه لما مات منع والي البصرة عدي بن أرطاة الفزاري أن يناح عليه فوضعوا نعشه وقالوا: لا يحمل حتى يجئ الفرزدق فجاء وعليه قميص أسود مشقوق والناس يترحمون ويذكرون الله فأخذ بقائمة السرير فنهض به ثم أنشأ يقول: لتبك وكيعا ... البيتين.
٢ الخزاية: الاستحياء.
٣ من معدي: من متجاوز إلى غيرك ولا عنك من قصر يريد ولا منع في أمري عنك"رغبة الآمل".
٤ فإن تك يريد الدية, والصبر: الحبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>